تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعد زيارة بلدان الخليج الرئيس العراقي يزور إيران

الرئيس العراقي برهم صالح؛ شخصية سياسية و دبلوماسية مخضرمة
AvaToday caption
الرئيس العراقي الجديد شديد الاهتمام بالترويج لفكرة تحقيق التوازن في علاقات العراق ببلدان الجوار الإقليمي
posted onNovember 14, 2018
noتعليق

بعد الزيارة المكوكية الذي أجراه الرئيس العراقي هذا الأسبوع لزيارة بلدان الخليج ، من المزمع أن يقوم برهم صالح بزيارة رسمية الى جمهورية الإسلامية الإيرانية، في ثاني زيارة له منذ توليهِ منصب الرئاسة في أكتوبر الماضي. جولته الخارجية الأولى قد قادته إلى كلّ من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدّة.

واستبعدت مصادر عراقية أن يكون وراء التتابع الزماني بين جولة صالح الخليجية وزيارته لإيران، نيته القيام بوساطة بين طهران وعدد من عواصم الخليج، وهو أمر يتجاوز – حسب ذات المصادر- قدرات العراق، فضلا عن قدرات من يتولّى منصب الرئاسة وهو منصب محدود الصلاحيات.

قبل البدء بزيارة رسمية الى الكويت كتب صالح مقالة شرح فيها وضع بلاده السياسية والدبلوماسية العراقية ونُشر في الصحف العربية و العالمية أيضاً

ويبدو الرئيس العراقي الجديد شديد الاهتمام بالترويج لفكرة تحقيق التوازن في علاقات العراق ببلدان الجوار الإقليمي، وهي فكرة يشاركه في إعلانها العديد من السياسيين العراقيين، من دون أن تكون هناك سياسات فعلية تجسّدها على الأرض، إذ يبقى الواقع القائم فعليا هو الارتباط السياسي المبالغ فيه لبغداد بطهران.

وقال مصدر سياسي عراقي “إنّ القول بأن الرئيس برهم صالح يمكن أن يلعب دور الوسيط بين إيران وأي طرف إقليمي أو دولي لا يمتلك أي قدر من الصحّة”، موضّحا أن “تلك مهمة أكبر من أن يقوم بها رئيس دولة تسعى إلى أن تجد لها مكانا في متاهة العلاقات الملتبسة التي يمكن أن تنتج عن العقوبات الأميركية التي فرضت على إيران”.

وخلال زيارته للكويت كشف برهم صالح عن حالة القلق التي تساور طاقم الحكم الجديد في العراق من التبعات المحتملة لتلك العقوبات.

 وقال للصحافيين إنّه لا يريد لبلده “أن يكون محمّلا بوزر العقوبات الأميركية على إيران”، مضيفا “نحن في حوار مستمر مع الولايات المتحدة ويجب مراعاة خصوصية العراق بشأن تلك العقوبات”.

هناك خشية حقيقية من أن يسقط العراق في هاوية سحيقة من الفشل إن هو قطع صلته الاقتصادية بإيران تنفيذا لتلك العقوبات، ذلك لأن الجزء الأكبر من اقتصاده مرتبط بشكل عضوي بالاقتصاد الإيراني. وهو ما أسّس لتبعية اقتصادية ستكون الولايات المتحدة حذرة في التعامل معها.

أما خلفيات الرئيس صالح الذي كان دائما قريبا من الرئيس الأسبق جلال الطالباني المعروف بعلاقاته الوثيقة بإيران فإنها لا تقدم علامات مشجعة على أن الرجل سيعمل على حث السياسيين العراقيين على اتخاذ مواقف محايدة تنأى بالعراق عن تداعيات العقوبات.

وفي ظل افتقار منصبه إلى الصلاحيات السياسية فإن برهم صالح لن يقدم في زياراته سوى الاستشارات التي لن تكون نافعة في مواجهة انسداد الأفق في التعامل مع النظام الإيراني الذي ليس متوقعا منه أن يتراجع عن سياسات شكلت عموده الفقري عبر أربعين سنة”.

ويختم المصدر بالقول “ ليس من المتوقع أن يلعب صالح دور ساعي بريد بين الدول الخليجية وإيران، ذلك لأن المسألة الإيرانية تجاوزت حدود العلاقات الإقليمية ولم يعد بالإمكان ترويض العقوبات عن طريق استثناءات تجري هنا وهناك”. ويرتكز صالح على علاقات إقليمية ودولية عميقة ربطها طيلة سنوات العمل بالقرب من الرئيس الراحل جلال الطالباني، الذي عرف بصداقاته الدولية الواسعة.

وقالت مصادر سياسية في بغدادإنّ الهدف العاجل لكلّ من الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي هو تجنيب العراق تبعات العقوبات الأميركية على إيران.

وأضافت أن “كبار القادة العراقيين تحدثوا بوضوح مع نظرائهم الأميركيين بشأن العراق الذي لا يمكن أن يدفع ثمن تلك العقوبات”. ووفقا لهذه الرؤية، لا يريد العراق أن ترصد الولايات المتحدة كل تحركاته في شؤون التعاملات التجارية التفصيلية مع إيران، ومحاسبته عليها.

وحتى الآن، تمكّنت بغداد من الحصول على استثناء ظرفي من العقوبات على إيران، حتى يضمن تدفق الطاقة الكهربائية وبعض السلع الغذائية الضرورية من جارته الشرقية. لكن المشكلة تظل قائمة حين تنقضي مهلة الاستثناء المقدّرة بشهر ونصف.

إن “الولايات المتحدة، عبّرت عن مرونة في التعاطي مع ملف التزام العراق بعقوباتها على إيران”. وتضيف أن ذلك لن يكون من دون مقابل، فقد يكون مطلوبا من بغداد تحجيم دور الفصائل الشيعية المسلّحة وضمان عدم تعرّضها بأي شكل لمصالح الولايات المتحدة.

ووفقا للمصادر، فإن “صالح سيطلب من الإيرانيين خفض مستوى التوتر في العراق، والمساعدة على أن تبقى بغداد هادئة، عندما تشتد ضغوط العقوبات الاقتصادية على طهران”.

وسيبحث صالح عن “تفهم الإيرانيين، لضرورة الالتزام العراقي العام بالعقوبات الأميركية، عندما تنتهي مهلة الاستثناء”. ولا يمكن الحديث عن إمكانية بناء تسوية واسعة في المنطقة انطلاقا من العراق الذي يعاني كثيرا على مستوى انسجامه الداخلي وحصانته الأمنية ووضعه الاقتصادي، على حد تعبير مراقبين.