Ana içeriğe atla

التحالف التركي – الإيراني.. جذوره وأهدافه

أردوغان و روحانی
AvaToday caption
إيران سعى نظام الملالي إلى إحياء الأطماع الفارسية في المنطقة عبر ما يسمى بتصدير الثورة، وفي تركيا شكلت مرحلة الالتفات إلى منطقة الشرق الأوسط ما بعد وصول حزب الحرية والعدالة والعقلية الأردوغانية التي تجنح دائما إلى استحضار التاريخ والحديث عن إرث الدولة العثمانية
posted onMay 5, 2019
noyorum

خالد الزعتر

عند النظر للعلاقة بين إيران وتركيا لا بد أن نعود إلى الجذور، لقد شكل انتصار الثورة الإسلامية في إيران مرحلة من التقارب بين الإخوان وملالي إيران، فجاءت زيارة الوفد الإخواني إلى إيران عقب الثورة لتحمل معها تعهداً إخوانياً (حيث أكد الوفد للخميني أن الحركات الإسلامية ستظل على عهدها في خدمة الثورة الإسلامية في إيران، في كل مكان بكل طاقاتها البشرية والعلمية والمادية)، وترسخت مرحلة التقارب بإصدار الجماعة الإخوانية بيان إبان أزمة الرهائن، نص على: "إن من يقف ضد إيران إما مسلم لم يستطع أن يستوعب عصر الطوفان الإسلامي، وإما عميل يتوسط لمصلحة أعداء الإسلام، وإما مسلم إمعة يحركه غيره، وإما منافق يداهن هؤلاء وهؤلاء".

 ومنذ زيارة الوفد الإخواني إلى إيران ووصولاً إلى مرحلة الربيع العربي، لم تقف حدود العلاقة بين إيران والإخوان عند حدو البيانات.

 فقد سعى الإخوان لترجمة تعهدهم للخميني بمساندة إيران على الأرض، وهو ما نشهده على سبيل المثال في علاقات إيران مع كل من حركة حماس وخدمة أهداف إيران في فلسطين وتأييد التنظيم الإخواني لحزب الله عام 2006، ومحاولات إخوان مصر بعد وصولهم للسلطة لكسر العزلة الإيرانية بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القاهرة وهي الأولى منذ ما يقارب 34 عاماً.

لقد وفر التقارب والتوافق بين الجماعة الإخوانية، والملالي في إيران ما بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، الأرضية الخصبة لبناء التحالف الإيراني–التركي، فذهبت تركيا بعد سقوط الجماعة الإخوانية ما بعد مرحلة الربيع العربي - التي جعلت أنقره تفقد أهم ذراع تعتمد عليه لتنفيذ مشروعها التوسعي في المنطقة.

والذي وصفها ياسين أقطاي مستشار أردوغان الجماعة الإخوانية بأنها تمثل ذراع للقوة الناعمة لتركيا في العالم العربي - للتعويض عن سقوط الإخوان بإحياء التحالف مع إيران واستكمال ما بدأته الجماعة الإخوانية وتوظيف ذلك لتنفيذ مشروعها التوسعي مستفيدة من الفوضى في المنطقة.

 كما أسهم التطابق في أطماع البلدين التوسعية في المنطقة إلى تدعيم ركائز هذا التحالف، ففي إيران سعى نظام الملالي إلى إحياء الأطماع الفارسية في المنطقة عبر ما يسمى بتصدير الثورة، وفي تركيا شكلت مرحلة الالتفات إلى منطقة الشرق الأوسط ما بعد وصول حزب الحرية والعدالة والعقلية الأردوغانية التي تجنح دائما إلى استحضار التاريخ والحديث عن إرث الدولة العثمانية.

 ولذلك أصبحت كل من تركيا وإيران تنظر للأخرى بأنها مكملة لمشروعها التوسعي، وهو ما يفسر بالتالي قدرة البلدين على  الحفاظ على التواصل وعدم السماح باختلافات وجهات النظر في ملفات المنطقة أن تؤثر على تطور علاقة البلدين.

 فجاءت تصريحات أردوغان عام 2014 بأن إيران هي بيته الثاني لتؤكد ذلك على الرغم من الاختلافات الحاصلة بين البلدين في الملف السوري في وقت تطالب فيه أنقرة برحيل الأسد (حليف إيران) قبل أن تغير موقفها بعد ذلك من مسألة رحيل الأسد وتنقلب على شعاراتها السابقة مؤكدة على لسان أردوغان بوجود اتصالات مباشرة مع النظام السوري.

 إن الانقلاب التركي على الثورة السورية يعكس تأثير التطور الحاصل في العلاقات بين طهران وأنقره، فهذا التخلي التركي عن الثورة السورية كان مرتبطا بشكل كبير في التطور الحاصل في تحالفها مع إيران، وأيضا مرتبط برسم مناطق النفوذ بين الإيرانيين والأتراك في سوريا.

فبينما ينصب الاهتمام الإيراني على ريف دمشق، نجد أن الاهتمام التركي ينصب في الشمال السوري؛ ولذلك فهذا الانقلاب التركي على الثورة السورية يؤكد أن موقف أنقره من الثورة السورية ليس من أجل نصرة الشعب السوري والدفاع عن حقه في تقرير مصيره، بل من أجل تحقيق أهداف سياسية وجغرافية وهو موقف مرتبط بالعقلية الأردوغانية التي تسعى لاستحضار التاريخ والحديث عن إرث الدولة العثمانية وهو ما يتجلى بشكل واضح في الأطماع التركية في الشمال السوري وترسيخ ملامح الاحتلال التركي فيه.

لقد أصبحت الساحة السورية ما بعد الإعلان الأمريكي عن الانسحاب العسكري من سوريا تشهد كثيرا من المتغيرات في خارطة التحالفات.

 فمن تبعات هذا القرار هو انهيار التنسيق والتعاون بين الثلاثي (روسيا، تركيا وإيران)، ولذلك فإن الاتهامات الإيرانية لروسيا بتعطيل منظومة الدفاع S300 خلال القصف الإسرائيلي ما بعد إعلان الانسحاب الأمريكي، هي خطوة قرأ فيها الإيرانيون أن روسيا بدأت التفكير بشكل جدي في التخلص من الوجود الإيراني في سوريا، فمن جهة تركيا نجد أن تصريحات أردوغان تؤكد أن أنقره قادرة على إقامة المنطقة الآمنة لوحدها والتي تأتي عقب زيارة أردوغان إلى موسكو ما بعد الإعلان عن الانسحاب الأمريكي، وتؤكد أن الأتراك لم يجدوا قبولا من قبل موسكو للتعاون في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي.

اتجهت العلاقة بين تركيا وإيران إلى تكوين نظرة موحدة لدى الطرفين، فتركيا تؤمن أن من مصلحتها بقاء النظام الإيراني واستمرارية مشاريعه الفوضوية في المنطقة، فهي تخلق الأرضية الخصبة للتوجه التوسعي للأتراك في المنطقة وبخاصة في سوريا.

 في الوقت الذي سعى أردوغان لاستكمال ما بدأه الإخوان تجاه إيران، من دعمها ومساندتها وهو بالتالي ما يفسر الدعم التركي للإيرانيين للتخفيف من الأزمة الاقتصادية والتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية على إيران، عبر الالتفاف على العقوبات فعلى سبيل المثال سعت تركيا في ظل وجود تقارير تؤكد توجه الحرس الثوري الإيراني إلى حقول الغاز للتعويض عن الحظر المفروض على النفط، إلى زيادة وارداتها من الغاز الإيراني.

 ووضعت تركيا نفسها حلقة وصل بين فنزويلا وإيران، في ظل استيراد أنقره ما قيمته 900 مليون دولار من الذهب الفنزويلي في الوقت الذي يرى مسؤولون أمريكيون أن هناك احتمالات بأن بعض كميات الذهب تذهب لإيران لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات، وأخيرا إعلان تركيا استعدادها لوضع آلية تجارية شبيهة بالآلية الأوروبية للتعاون مع إيران بعيدا عن العقوبات الأمريكية.

من جهتها ترى إيران أن مواجهة نفوذها في سوريا ما هي إلا تحديات من قبل الروس، وهنا فإن التوافق والانسجام مع تركيا يصب في صالح دعمها في ظل التحول الحاصل في علاقتها مع روسيا، والذي بدأت ترتفع وتيرته في سوريا. لقد توجهت إيران مؤخراً لإدارة ميناء اللاذقية، والذي تعد خطوة بمثابة سكب الزيت على نار الصراع المتصاعد بين طهران وموسكو في سوريا، لا سيما في ظل أهمية هذا الميناء بالنسبة لروسيا فهو يقع ضمن مناطق نفوذها.

تشهد المنطقة ولادة تحالف تركي–إيراني، ويمكن النظر إلى تصريحات أردوغان عام 2014 خلال زيارته إلى طهران عندما وصف إيران "بأنها بيته الثاني بعد تركيا" في ليست تصريحات تأتي في سياق المجاملة الدبلوماسية، بقدر ما كانت تشكل نقطة التحول الرئيسية في العلاقة بين تركيا وإيران، والمتابع للتطورات الأخيرة في العلاقة بين البلدين وبخاصة ما بعد إعادة العقوبات الأمريكية على إيران ومساعي أنقرة للتخفيف من وطأة هذه العقوبات على الاقتصاد الإيراني يدرك أنها ترجمة فعلية لمدى تقارب العلاقات بين البلدين لخدمة المصلحة المشتركة.