Ana içeriğe atla

اقتراح الاتفاق المؤقت مع إيران نجاح لبايدن وضمان استقرار الإقليم؟

أبراهيم رئيسي
AvaToday caption
هذا بلا شك فشل لسياسة بايدن تجاه إيران، نتيجة تغير أولويات سياسة الولايات المتحدة وأهدافها تجاه المنطقة، لتعكس عدم اهتمام حقيقى بتعزيز عوامل الاستقرار والأمن الإقليميين
posted onNovember 19, 2021
noyorum

هدى رؤوف

بعد إعلان إيران استعدادها للجولة السابعة من مباحثات فيينا في شأن إعادة الاتفاق النووي مع الغرب، وتزامناً مع ارتفاع معدلات تخصيب طهران اليورانيوم ومخزونها منه وزيادة أعداد أجهزة الطرد المركزي، كانت تحركات مسؤولي إدارة جو بادين تسير في اتجاه التمهيد لطرح فكرة إبرام اتفاق مؤقت مع إيران. وباعتبار أن لا شيء أكثر دواماً من الأمور المؤقتة، فهل يمكن أن يكون الاتفاق المؤقت حلاً دائماً للمسألة الإيرانية؟ وهل ينبئ بنجاح مقاربة إدارة جو بايدن تجاه إيران؟ وهل سيمنح المنطقة الاستقرار والأمن اللذين تفتقدهما؟

وقد أثار فكرة الاتفاق المؤقت مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، خلال محادثات مع نظيره الإسرائيلي إيال هولاتا، مشيراً إلى احتمال إبرام اتفاق مؤقت مع إيران بهدف إتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات النووية. ويقضي الاتفاق بأن تعلق إيران نشاطها النووي، مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، مقابل إفراج الولايات المتحدة والدول الحليفة عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة، أو إصدار إعفاءات من العقوبات على السلع الإنسانية.

ربما الإعلان عن الاقتراح الجديد يفسر سبب زيارة المبعوث الأميركي إلى إيران، روب مالي، عدداً من دول الخليج العربي وإسرائيل الأسبوع  الماضى. وهدفت الزيارة إلى تبرير الاقتراح الأميركي وإرسال تطمينات لدول المنطقة المعنية بسلوك إيران.

ويأتي الاقتراح بشأن استراتيجية إيران تجاه إدارتي دونالد ترامب وبايدن، والتي بدأت بالصبر الاستراتيجي ثم الضغط على بايدن وانتهاءً بالمماطلة مع تسارع وتيرة تعزيز قدراتها النووية المحظورة بموجب الاتفاق النووي  JCPOA، تلك المماطلة والتجاوزات النووية التي انتهت باقتراح واشنطن فكرة الاتفاق المؤقت.

ويعكس الاتفاق المؤقت اختزال سياسة بايدن التي أعلنها تجاه إيران في بداية ولايته، إذ افتتحت بالدعوة إلى اتفاق أوسع وأقوى وأشمل يتضمن الملف النووي والصواريخ الباليستية والسلوك الإقليمي لتتقلص سياسة بايدن الطموحة تجاه إيران لتصير وقف تجاوزاتها في شأن تخصيب اليورانيوم وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي.

هذا بلا شك فشل لسياسة بايدن تجاه إيران، نتيجة تغير أولويات سياسة الولايات المتحدة وأهدافها تجاه المنطقة، لتعكس عدم اهتمام حقيقى بتعزيز عوامل الاستقرار والأمن الإقليميين.

ولكن، وفقاً لأستاذ العلاقات الدولية باري بوزان، فإن تحقيق الأمن في العالم يستلزم تحقيقه بداية في الأقليم Peace by pieces أي أنه حتى مع تغير أهداف السياسة الأميركية وتوجهها شرقاً لمواجهة الصعود الصيني لا يعني ذلك تعميق عوامل عدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط بدلاً من المساعدة في حلها.

إن سياسة الضغط الأقصى خلال إدارة ترامب، التي تلتها سياسة التراخي الأقصى مع بايدن، لم تسبب إلا مزيداً من التجاوز الإيراني وزيادة الثقة في مقاربتها الإقليمية والدولية، وتصعيد التوترات بين إيران وإسرائيل فى أكثر من مسرح إقليمي وبأشكال متعددة، وزيادة سباق التسلح في المنطقة لا سيما بين إسرائيل وإيران، فضلاً عن استغلال إسرائيل للتوترات والعمل على زيادة تفوقها العسكري من جانب  آخر، ووضع بعض الدول على مسار الدولة الفاشلة وتعثر حركتها الإقليمية كالعراق أخيراً.

ومن ثم، فى ظل سياق إقليمي يزداد اضطراباً، لا بد من أن تنتقل تداعياته إلى السلم والأمن الدوليين، ولا دليل أكثر من محاولات تعطيل حركة الملاحة في الخليج وعدم استقرار تدفقات الطاقة بسبب الحروب البحرية بين إيران وإسرائيل، فضلاً عن نقل الصراع في الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى من العالم، مثلما أعلنت الاستخبارات الكولومبية أخيراً عن شبكة من التابعين لـ "حزب الله" تستهدف اغتيال دبلوماسيين أميركيين وإسرائيليين رداً على اغتيال قاسم سليمانى في العراق.

من جهة أخرى، تجرى إسرائيل عدداً من المناورات البحرية مع بعض دول المنطقة، وسبقتها بمناورات جوية للتدريب على مواجهة الطائرات المسيرة وعدم الاستقرار وتهديد الشحن البحري فى البحر الأحمر والخليج.

كان الموقف الإيراني المتعنت يستهدف تعويضها عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ورفع العقوبات كلها (وليس النووية فحسب) المفروضة منذ عام 2015 دفعة واحدة، وليس على مراحل، وتقديم ضمانات بأن الإدارات الأميركية المستقبلية لن تتراجع عنها. ولتخرج إدارة بايدن عن هذا الضغط وتستكمل الاتفاق فإنها تريد أن تقدم لإيران ما تريده، وهو رفع العقوبات.

بالطبع، اقتراح الاتفاق المؤقت سيفشل أي استقرار متبق في الإقليم، فهو يمكن أن يصبح دائماً، مما يسمح لإيران بالحفاظ على بنيتها التحتية النووية وتزويدها باليورانيوم الذي ضاعفت مخزونه.