Skip to main content

موالون لإيران يحاولون تسقيط الزرفي والكاظمي سويا

الشعب العراقي يرفض الطبقة السياسية الحاكمة
AvaToday caption
التظاهرات الشعبية الواسعة التي بدأت في العراق منذ أكتوبر من العام الماضي، واستمرت العديد من الشهور، كشفت عن تدني شعبية الأحزاب الموالية لإيران لمستويات غير مسبوقة، ما فرض عليها واقعا مختلفا خلال مفاوضات تشكيل الحكومة سمح بطرح شخصيات محسوبة على المحور الأميركي لم يكن الحديث عنها ممكنا في السابق
posted onApril 8, 2020
nocomment

اشترط رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي على الكتل الشيعية أن يوقع زعماؤها وثيقة ترشيح رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة بدلا عنه، كي يتقدم هو باعتذار إلى رئيس الجمهورية برهم صالح عن الاستمرار في مهامه.

ووصلت جهود الزرفي إلى طريق مسدود منعه من استكمال المشاورات بشأن تمرير كابينته، بعد رفض الكتل الشيعية القبول بتكليفه، باعتباره قد جاء من خارج سياق الإجماع الشيعي المعهود في ترشيح الشخصيات لإشغال هذا المنصب.

وقالت مصادر مطلعة إن الزرفي طلب ضمانات بأن لا تفعل الكتل الشيعية التي عرقلت وصوله إلى البرلمان لنيل الثقة، الأمر نفسه مع الكاظمي.

وأضافت المصادر في تصريح لصحيفة”العرب” اللندنية "أن معظم الكتل الشيعية الكبيرة استجابت لهذا الطلب، وأرسلت تواقيع من زعمائها إلى رئيس الجمهورية كي يكلّف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة".

ويقول الفريق المقرب من الزرفي إن الضمانات التي تعرضها القوى الموالية لإيران بشأن تمرير الكاظمي وكابينته في حال اعتذار المكلف الحالي، ليست كافية، وهو ما قد يعيق الانتقال إلى خطوات أخرى.

وأكدت المصادر أن اليومين القادمين حاسمان في تحديد مصير الحكومة القادمة والشخصية التي قد تتولى مهمة تشكيلها.

وكشفت المصادر نفسها أن الكاظمي وضع شروطا عديدة لقبول التكليف، من بينها منحه الحرية الكاملة في تأليف كابينته، والإعلان مسبقا عن استعداد القوى الرئيسية الشيعية والسنية والكوردية لتمرير الحكومة الجديدة عبر البرلمان من دون معرقلات.

واستمر الزرفي في ضغوطه على الأطراف السياسية المختلفة من خلال الانتهاء من منهاجه الوزاري وتسليمه إلى مجلس النواب، ما حصّنه قانونيا باعتباره أنجز مهامه ضمن المدة الدستورية وهي 30 يوما، مطالبا رئيس مجلس النواب بتحديد موعد الجلسة للتصويت على منحه الثقة.

لكن البرلمان لم يتخذ أيّ خطوة حتى الآن، في إشارة واضحة إلى الجمود السياسي الواضح الذي يحيط بجهود الزرفي.

ويضع المراقبون الزرفي والكاظمي في السلة نفسها، إذ يفضّل كل منهما بناء العراق لعلاقات وثيقة مع دول الخليج العربي والولايات المتحدة وتحجيم الدور الإيراني.

وتقول مصادر إن الكاظمي ربما نجح فيما فشل فيه الزرفي بشأن تبديد مخاوف الأحزاب الموالية لإيران في العراق، التي تخشى تولي أحد خصومها المنصب التنفيذي الأول في البلاد، ما يفتح الباب على إمكانية تعريض مصالحها للخطر.

ويرى الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف أن الأحزاب الموالية لإيران في مواجهة خيارين أحلاهما مرّ، فالكاظمي والزرفي من وجهة نظر المغالين في تبعيّتهم لإيران ينتميان إلى المعسكر الأميركي، وهو ما يمكن أن يهدد مصالح الأحزاب قبل المصالح الإيرانية.

واعتبر يوسف أن هناك نوعا من المبالغة والتهويل في التوقعات مما يمكن أن يقدمه الرجلان للعراق، مشيرا إلى أن الكاظمي والزرفي ليسا غريبين عن الأحزاب الدينية المقربة من إيران، وهما ليسا الشخصيتين اللتين يمكن تقديمهما باعتبارهما داعيتيْ تحول من الدولة ذات الغطاء الديني إلى الدولة المدنية.

لكن التظاهرات الشعبية الواسعة التي بدأت في العراق منذ أكتوبر من العام الماضي، واستمرت العديد من الشهور، كشفت عن تدني شعبية الأحزاب الموالية لإيران لمستويات غير مسبوقة، ما فرض عليها واقعا مختلفا خلال مفاوضات تشكيل الحكومة سمح بطرح شخصيات محسوبة على المحور الأميركي لم يكن الحديث عنها ممكنا في السابق.

وتلقّت الأحزاب العراقية الموالية لطهران ضربتين كبيرتين منذ مطلع العام، الأولى تمثلت في مقتل قاسم سليماني، العقل المدبر للسياسات الشيعية في العراق والمشرف على تشكيل معظم الميليشيات الشيعية في بغداد، والثانية تفشي فايروس كورونا في إيران، وانشغالها بمحاولة احتوائه.

ونجمت عن الضربتين فوضى سياسية كبيرة في العراق، حيث ارتفع صوت الميليشيات، وتراجعت الدولة إلى الخلف كثيرا، ما أضرّ بصورة إيران، وكشف عن حجم الدور السلبي الذي لعبته في بغداد.

ودفع هذا الوضع أطرافا شيعية وسنية وكوردية إلى مطالبة القوى الحليفة لإيران بفسح المجال أمام خيارات جديدة لإنقاذ الأوضاع، وإلا فإن الانفجار قادم.

وبالرغم من إيمان القوى الموالية لإيران بأن فرصتها في إدارة مباشرة للحكم في العراق باتت ضعيفة، إلا أنها ترفض التنازل بسهولة.

وتريد هذه القوى إحباط ترشيح الزرفي بأي ثمن لتسويق فكرة الانتصار على المشروع الأميركي في العراق بغض النظر عن الشخصية التي ستخلفه وما إذا كانت ميولها نحو الولايات المتحدة ربما أشدّ.

واتحدت أكبر الميليشيات العراقية التي تديرها إيران ضد الزرفي، وقالت إنه مرشح من قبل الاستخبارات الأميركية.

كذلك فعلت القوى السياسية التي توفّر الغطاء لهذه المليشيات، وهي تحالف الفتح النيابي بزعامة هادي العامري وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.

وماطلت هذه القوى قبل التوقيع على طلب ترشيح الكاظمي لخلافة الزرفي في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، على أمل إسقاطهما معا.

وتخشى الأحزاب الحاكمة أن يقوم رئيس حكومة المرحلة المقبلة بمراجعة سبل الإنفاق المالي وهو ما يمكن أن يكشف عن عمليات فساد تمّ تكريسها من خلال أعراف وقوانين خاصة، وفي ذلك ما يمكن أن يضعف هيمنة تلك الأحزاب على أجزاء كبيرة من الدولة في ظل انخفاض واردات النفط.

وقال يوسف “إذا كان الزرفي قد فاجأ الأحزاب بأن يكون رفضها لترشيحه تحريريا فلأنه يدرك أصول اللعبة وهو يعرف جيدا أن الأحزاب لم تعد تملك بديلا بعد أن فشلت في فرض مرشحيها الذين رفضهم الشعب قبل أن يتم ترشيحهم بشكل رسمي”.

وتوقع يوسف أن ينجح الزرفي في نيل ثقة البرلمان بفارق ضئيل مع أنه وضع نصب عينيه أن يلاقي صعوبة في تمرير حكومته، وهو ما يمكن أن يُسمّى بـ”حفظ ماء الوجه” بالنسبة إلى الأحزاب التي ستسعى من خلال وجودها في مجلس النواب إلى إفشال أي خطوة يقوم بها الزرفي من أجل تحجيم الهيمنة الإيرانية على الاقتصاد العراقي على الأقل.