Skip to main content

'أصل الحكاية' يتربع على عرش مهرجان لبنان للمسرح

مسرح بيروت
AvaToday caption
العمل ينتمي إلى مسرح ما بعد الدراما، ويقوم على التأويل والطقسية إذ يفتح الباب أمام المتلقي للمتعة البصرية والتأمل ويطرح عليه تساؤلات عن فكرتين متوازيتين لأصل التكوين هما الطين والإنسان.
posted onFebruary 9, 2020
nocomment

فاز عرض "أصل الحكاية" بجائزة "أفضل عمل مسرحي" في الدورة الثانية من مهرجان لبنان الوطني للمسرح التي أسدل الستار عليها السبت بالعاصمة بيروت.

تمثل مسرحية "أصل الحكاية" التي قدمتها مجموعة كهربا تجربة مختلفة للمشاهدين إذ تجمع بين الأداء المسرحي والرقص والموسيقى والنحت وفن التحريك.

المسرحية التي عرضت سابقا في مهرجانات عربية وأجنبية تعود بالمشاهد إلى الحكايات الشعبية والأساطير والخرافات باحثة عن أصل التكوين بين الحضارات المختلفة وتبحث في فكرة تكوين الإنسان يوم كان يستخدم يديه ليعبر قبل أن يتكلم ويحكي اللغات.

ويبني المؤديان أورليان الزوقي وإريك دينيو على جدران ثلاثة منتصبة وسط المسرح حياة كاملة بتفاصيلها النحتية التشكيلية ثم يمحونها، ثم يبنون حياة أخرى ويعيدون المحو منذ البداية حتى يأتي الطوفان.

ينحتان الأشياء والطبيعة بشجرها وحيواناتها ويبنيان مدنا وصحارى وشواطئ ويبتكران شخصيات تسافر وتبحر، لها وجوه وعيون وأجساد تتحرك وكأنها ستنطق، ثم يراقصان الشخصيات قليلا ويتحدثان معها بلغات غير مفهومة، لكن المُشاهد يشعر بها ويتفاعل معها مدهوشا بقوة الأداء الذي يستحضر المفهوم الحسي لحضور الإنسان على الأرض.

كأن الممثلان يعيشان في عالم آخر يتمثل في ورشة تشكيل يعيدان فيها تكوين العالم بطريقة مبتكرة ومسلية وممتعة للناظر إليها.

العمل ينتمي إلى مسرح ما بعد الدراما، ويقوم على التأويل والطقسية إذ يفتح الباب أمام المتلقي للمتعة البصرية والتأمل ويطرح عليه تساؤلات عن فكرتين متوازيتين لأصل التكوين هما الطين والإنسان.

ويولي المؤديان لليدين رمزية حادقة في العرض إذ أن المسرحية أقرب إلى العمل اليدوي والحرفي منه إلى المسرح الكلاسيكي.

وكان مفاجئا استخدام اللوح، الذي يمثل الجدار الخلفي للورشة، نظراً لرمزيته أيضا في الحضارات القديمة التي كانت تروي تاريخها وانجازاتها وتدون حكمها ومقالاتها ورسومها على الجدران.

فالجدار هنا وثيقة، يرسم عليها المؤديان ما يكمل مشهد النحت والموسيقى والأداء، يكتبان الشعر أو يخططان كلمات عربية لها وقع على الجمهور كما فعلا عندما كتبا "ثورتنا حب" فهب الجمهور بالتصفيق.

وانتزع جائزة أفضل إخراج في المهرجان اللبناني الثنائي أورليان زوقي وإريك دينيو.

وحصل عرض (المعلقتان) للمخرجة لينا عسران على جوائز أفضل سينوغرافيا، وأفضل تأليف، وأفضل تأليف موسيقي ومؤثرات صوتية.

وفاز فؤاد يمين بجائزة أفضل ممثل عن دوره في عرض (الشاطر فؤاد) بينما فازت أنجو ريحان بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في عرض (مجدرة حمرا).

 

 

وفاز عامر فياض بجائزة أفضل دور ثان عن عرض (ما شاء) فيما فازت زميلته بيرلا حنا بجائزة أفضل ممثلة في دون ثان عن العرض ذاته.

أقيم ختام المهرجان وتوزيع الجوائز على مسرح المدينة وسط حضور جماهيري لافت وأحيت المغنية حنين أبوشقرا سهرة الختام بباقة من الأغاني الطربية لزكي ناصيف وفيروز وعبدالحليم حافظ وأسمهان وصباح.

تنافست على جوائز المهرجان الذي نظمته وزارة الثقافة بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح ستة عروض محلية وصلت إلى المرحلة النهائية من بين 15 عرضا.

وتشكلت لجنة التحكيم برئاسة الممثل بطرس روحانا وعضوية الشاعر والإعلامي زاهي وهبي والمخرجة لينا خوري والمخرج ناجي صوراتي والممثلة ندى أبوفرحات.

وقال مدير عام وزارة الثقافة اللبنانية ورئيس المهرجان علي الصمد "التحدي الأساسي للمهرجان الذي لم يكن ليعقد لولا اصرار المسرحيين هو الزلزال السياسي والاقتصادي الذي حل بلبنان وأجج التحركات الشعبية، ففي ظل ظروف صعبة تأجلت غالبية الفعاليات الثقافية ان لم نقل كلها، ونحن كنا أمام خيارين إما الغاء المهرجان أو تأجيله".

وأضاف "فاجأنا الجمهور الذي لم نتوقع حضوره بهذه الكثافة إذ بلغ عدد الحاضرين حوالى خمسة آلاف شخص وهو رقم من الصعب حشده في المسرح لكن الجمهور اللبناني الذي يقدم ابداعاته في الشارع اليوم احتجاجاً على الأوضاع مطالباً بحقوقه يؤكد أنه جمهور مثقف وواع".

ويرى الصمد أن المهرجان خلق دينامية في الوسط المسرحي، الأمر الذي يخلق تحديا بين العاملين في المسرح ليعطوا أفضل ما عندهم.

أقيمت الدورة الأولى من مهرجان لبنان الوطني للمسرح في 2018 وكان مقررا تنظيم الدورة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني قبل أن تتأجل إلى فبراير/شباط بسبب الأوضاع السياسية والاحتجاجات الشعبية.

وقال فؤاد يمين الحائز على جائزة أفضل ممثل "المسرحيون في لبنان يعملون من منطلق الشغف بهذا الفن غير المدعوم رسميا، فغالبيتنا يخرجون ويمثلون ويكتبون نصوصا ليس من أجل المال ولا الشهرة بل لأن الخشبة هي روحهم".

وأضاف "لكن المشاركة في المهرجان أصبحت متعة خصوصا أنه مساحة لقاء بين المسرحيين ومحاورة الجمهور، وهو يحمس المسرحيين على أي حال".

وأبدى تطلعه إلى أن يكون لدى لبنان "مسرحا وطنيا يحتضن الجميع ويساهم في إنتاج أعمال لبنانية ويدعمها ماليا".