إبراهيم الزبيدي
للعراقيين مثل شعبي يُطلقونه على الشحاذ الذي يستجدي ولكن بقلة حياء ووقاحة وعدوانية، حيث يتعمّد إظهار خنجره المدلى من حزامه، وكأنه يهدد به من لا يتصدق عليه. “مجدّي والخنجر بحزامه”.
وليس هناك مثلٌ ينطبق على ما فصّله واحدٌ من أهم مساعدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ردا على أسئلة سياسي عراقي مقيم في واشنطن، أكثر من هذا المثل العراقي العجيب. وإليكم أهم أفكار السياسي الأميركي.
يراهن أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة بالمرشد الأعلى الإيراني على إحراج الرئيس ترامب أمام الناخب الأميركي، أملا في تقليص فرص فوزه بالرئاسة في الانتخابات المقبلة. وعليه فهم يتعمدون اللجوء إلى التحدي والحرتقة والطقطقة ظنا منهم بأن عدم إقدام الرئيس على رد عسكري مباشر في الخليج يجعله يخسر احترام الشعب الأميركي، ويهدم شعبيته، وبالتالي يساعد منافسيه الديمقراطيين على طرده من البيت الأبيض. وهم بكل ذلك مخطئون. لهذه الأسباب.
صلابة الرئيس ترامب في موقفه الثابت القائم على ضرورة خنق إيران إلى أن تنحني وتعود إلى طاولة المفاوضات بدأت تعجب المواطن الأميركي وتسعده. بعبارة أخرى لقد تمكن الرئيس من جعل عدائه “الشخصي” مع إيران، وهي مدللة الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن، عداءً شعبيا قوميا أميركيا دفاعا عن هيبة أميركا ومصالحها. والدليل تناقص شعبية الديمقراطيين وثبات شعبية الرئيس.
إيران منهكة، وأمامها سنة صمود صعب، من الآن وحتى نوفمبر 2020، موعد الانتخابات الأميركية القادمة، وكأن أمام الرئيس عاما وشهرا ليُحقق مزيدا من تدويخ إيران وضرب الحركات الإسلامية المتطرفة التي تؤيدها، مع زيادة إنجازاته الاقتصادية والقانونية والصحية والضريبية في الداخل.
أعلن الناطق باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أن المنظمة بدأت في تشغيل عشرين جهازاً من نوع “آي آر – 4” وعشرين جهازاً آخر من نوع “آي آر – 6”، بينما لا يسمح لها الاتفاق النووي الموقع في 2015 بإنتاج اليورانيوم المخصب سوى بأجهزة للطرد المركزي من الجيل الأول “آي آر-1”. مبرّرا ذلك بأن الوقت ينفد أمام الأطراف الأخرى الموقّعة على الاتفاق النووي لإنقاذه، مشدّدا على أن طهران لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 20 بالمئة.
ولكن تستطيع إيران إنتاج سلاح نووي تحتاج إلى تخصيب ما لا يقل عن 90 بالمئة من اليورانيوم، وهو ما يعتبر أقرب إلى المستحيل في ظل ظروفها الاقتصادية ومشاكلها الداخلية والخارجية الصعبة التي تزداد حرجا يوما بعد يوم.
ويعلم الجميع أن أقصى ما تريده الحلقة الضيّقة المحيطة بالمرشد الأعلى، بتهديداتها الصغيرة وتحرّشاتها الساذجة بأمن الخليج، هو ما عبّر عنه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنه “ردّ على تلكؤ الاتحاد الأوروبي في تنفيذ تعهداته تجاهها”. وقد أعلن نائبه، عباس عراقجي، أن طهران “لن تعود إلى تطبيق كامل للاتفاق النووي ما لم تتمكّن من تصدير نفطها، واستلام عوائده بشكل كامل”. وهذا ما لن يحصل على الأقل في الفترة الطويلة المتبقية للرئيس في البيت الأبيض.
مقابل ذلك فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وكالة الفضاء الإيرانية ومعهدَيْ بحوث تابعين لها. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن “الولايات المتحدة لن تسمح لإيران باستخدام برنامجها الفضائي غطاءً لتطوير برامجها الصاروخية”. وأضاف “هذا تحذير للمجتمع العلمي الدولي: التعاون مع برنامج الفضاء الإيراني يمكن أن يساهم في قدرة طهران على تطوير مركبة قادرة على إطلاق سلاح نووي”.
كما تصرّ الولايات المتحدة على رفض أي “إعفاء” من العقوبات المفروضة على إيران. وقال الموفد الأميركي المكلّف بملف إيران براين هوك “لا يمكننا أن نكون أكثر وضوحا من حيث تصميمنا على تنفيذ حملة الضغوط القصوى (على طهران)، ولا نعتزم منح استثناءات أو إعفاءات”.
كما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات تستهدف “شبكة للنقل البحري” مُتهمة ببيع نفط في شكل غير قانوني. وتشمل هذه العقوبات 16 كياناً و11 سفينة و10 أفراد.
وذكرت الوزارة أن الشبكة “يقودها فيلق القدس (التابع للحرس الثوري الإيراني) وحليفه الإرهابي حزب الله اللبناني، لافتة إلى أن الطرفين يستفيدان ‘مالياً’ من عملياتها. وهذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها الولايات المتحدة مكافأة في مقابل معلومات، في إطار استهداف عمليات مالية لكيان حكومي”.
قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، كارلوس مارتن رويز دي غورديخويلا، “إننا نعتبر هذه الأنشطة غير متوافقة (مع الاتفاق النووي) ونحضّ إيران على التراجع عن هذه الخطوات والامتناع عن أي خطوات إضافية تقوّض الاتفاق النووي”.
يضاف إلى ذلك كله مواصلة الإدارة الأميركية زيادة تواجدها العسكري (النوعي) في الخليج العربي وفي العراق وسوريا. كما يكسب الرئيس ترامب، يوما بعد يوم، مواقف جديدة من دول أوروبية وآسيوية تقترب كثيرا من موقفه الخاص بإيران.
ثم سأل المسؤول الأميركي، في نهاية استعراضه، قائلا، أليس السلوك الإيراني المضطرب والمتقلب والمتعصب دليلا على حالة اليأس والشعور بالاختناق؟، أليست التحرشات والتهديدات الإيرانية المتلاحقة عوامل هدم لقوة صبرها على الحصار، وفي أنها عوامل تثبيت وتعضيد لمواقف الرئيس ترامب منها ومن حلفائها ووكلائها في العراق وسوريا واليمن؟
كاتب عراقي