باتت المجموعات الإرهابية التابعة لإيران تهيمن على مدينة دير الزور وريفها الواقعة نظريا تحت سيطرة نظام بشار الأسد شرقي سوريا.
وحسب ما أفادت به مصادر محلية، لمراسل الأناضول التركية، لا تقتصر تلك الهيمنة للمجموعات التابعة لإيران على الجانب العسكري بل تتعداه إلى المجال الثقافي والإداري وبقية الجوانب الأخرى، إلى جانب تحكمها بقرارات مؤسسات النظام في المدينة وخاصة مؤسستي القضاء والتعليم، إلى درجة يمكن وصفها بالاحتلال.
كما أن تلك المجموعات تقوم بنشاطات مكثفة لتشييع أبناء المنطقة ذات الغالبية السنية وخاصة الأطفال والشباب، وفق تحذيرات المصادر ذاتها.
تتنشر المجموعات التابعة لإيران في مدينة دير الزور ومعظم البلدات والقرى بريفها.
وأوضحت المصادر المحلية بأن أبرز المناطق التي تتواجد فيها المجموعات التابعة لإيران هي مدينة البوكمال على المنفذ الحدودي مع العراق، وبلدة صبيخان وبلدة بقرص وبلدة الطوب ومدينة موحسن وبلدة حطلة وقرية عين علي والشريط النهري ببلدة العشارة ومدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي وبلدة الصالحية بريف دير الزور الشمالي.
وأكدت المصادر أن مدينتي البوكمال والميادين وبلدة حطلة إضافة إلى مركز مدينة دير الزور هي أكثر المناطق التي تتنشر فيها مجموعات إيران؛ حيث يوجد فيها عدد كبير من المقرات، لافتة إلى أن بعض المدارس في المناطق المذكورة تم تحويلها لمقرات عسكرية لتلك المجموعات.
وأفادت المصادر بأن أبرز المجموعات التابعة لإيران في المنطقة هي الحرس الثوري الإيراني وحركة النجباء وحزب الله السوري ولواء القدس والفرقة 313.
وحسب المصادر ذاتها، فإن مقرات الحرس الثوري وحركة النجباء مشتركة ويبلغ مجموع عناصرهما بين 1500 إلى 2000 عنصر من الجنسيتين الإيرانية والعراقية، وهؤلاء يتمركزون بحي الكتف في مدينة البوكمال بعد أن قاموا بطرد معظم سكانها منها، كما استولوا على عدد من البيوت في وسط مدينة البوكمال وحولوا بيوتهم إلى مستودعات أغذية.
وفي شهر رمضان الماضي تفاجئ أهالي المنطقة بوصول وفود شيعية لزيارة نبع "عين علي" الموجود على تلة قرب مدخل مدينة القورية، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لممارسات غريبة في النبع الذي يزوره السوريون للإستشفاء.
وأظهرات الفيديوهات أفراد يقومون بطقوس غريبة تضمنتها لطميات وغطس في مياه النبع بعد طلاء رؤوسهم بالطين.
ويمتلك الحرس الثوري الإيراني و حركة النجباء أسلحة ثقيلة من رشاشات ثقيلة وعربات مدرعة ودبابات، ويتولى قيادة الحرس الثوري إيراني يدعى الحاج سلمان، فيما يعتبر الحاج صادق المسؤول الأول ومنسق جميع مجموعات إيران الإرهابية في دير الزور.
أما حزب الله السوري فيبلغ عدد مقاتليه 700 عنصر ينتشرون في حواجز تمتد من مركز مدينة دير الزور وحتى مدينة الميادين بريفها الشرقي، كما يوجد لهم عدد من المقرات في المدينة بحيي الضاحية والقصور، يحمل منتسبيها الجنسيتين اللبنانية والسورية وقائدها لبناني الجنسية.
وبدأ حزب الله السوري منذ عام 2017 بتطويع شباب سوريين مقابل راتب شهري يقدر بـ200 دولار.
ويضم لواء القدس 2000 مقاتل يتوزعون يتمركز نصفهم في مركز مدينة دير الزور ومدينة الميادين، فيما ينتشر النصف الآخر في بادية دير الزور.
والمركز الرئيس للواء القدس في مدينة دير الزور؛ حيث استولى على 3 فيلات فيها حول أحدها إلى مركز قيادة عامة، ويمتلك أسلحة متوسطة وخفيفة. وعناصر اللواء يحملون الجنسيات الإيرانية والأفغانية والباكستانية، إضافة إلى عدد قليل من حاملي الجنسية السورية.
كما تتواجد الغالبية العظمى من عناصر "الفرقة 313" في بادية دير الزور، إضافة إلى بعض الحواجز على أطراف مدينة دير الزور وطريق المطار ويبلغ عدد عناصرها 300 عنصر جميعهم من الأجانب، ويمتلكون أسلحة متوسطة.
من جانب آخر أفادت المصادر ذاتها أن مجموعات إيران افتتحت عدد من المدارس بغية تشييع الأطفال، كان آخرها في مدينة الميادين بريف دير الزور؛ حيث افتتحت مدرسة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات.
وأشارت المصادر إلى أن تلك المجموعات استولت على المركز الثقافي لمدينة دير الزور وباتت تستغله في أنشطة دينية.
كما أنشأت مجموعات إيران عدد من الحسينيات والمزارات في المنطقة، أبرزها حسنية جرى افتتاحها مؤخرا بحي الهرابيش في المدينة، إضافة إلى بناء مزار في قرية قبة علي.
ولفتت المصادر إلى أن السكن في أي مدينة أو قرية في دير الزور باتت مرتبطة بموافقة تلك المجموعات، عبر إصدارها أذونات بهذا الخصوص، مشيرة إلى أن المجموعات الإيرانية طردت مؤخرا عدد من العائلات في قرية قبة علي؛ بسبب عدم امتلاكهم إذونات صادرة منها.
وذكرت المصادر أن المجموعات الإيرانية منعت الرواتب على الموظفين في محكمة الميادين وخيرتهم بين الفصل أو العمل تحت مظلتها.
وفي مدينة القورية التابعة لمنطقة الميادين بدير الزور لا يزال السكان لا يستوعبون منعهم من دفن موتاهم في مقابر حيث يرقد أفراد من عائلاتهم وأجدادهم، بحجة وجوب دفع رسوم باهظة والحصول على موافقة لإتمام إجراءات الدفن.
ويقول شهود عيان نزحوا من دير الزور نحو دمشق إنه بعد طرد تنظيم داعش من المحافظة عام 2017 بدأت مظاهر التشييع تبرز هناك مع سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية على البوكمال والميادين والمناطق القريبة من الحدود مع العراق.
وأفاد الشهود أن المجموعات الإيرانية بدأت ببناء الحسينيات واستغلتها لتوزيع المساعدات على سكان المدينة المتضررين ثم وسعت نفوذها بفتح مكاتب عقارية تقوم بشراء المنازل والعقارات والأراضي للاستيلاء على أكثر المواقع حيوية في المحافظة.
وتسعى طهران التي ساندت نظام بشار الأسد في الحرب السورية ودعمته عسكريا إلى تنفيذ مشاريعها في المنطقة وبسط نفوذها لتضمن بقاءها مستقبلًا حتى إذا رحلت عسكريًا وهو تقوم به منذ سنوات أيضا في الأراضي العراقية.
وعملت إيران على خلق وضع ميليشاوي شيعي في العراق في مرحلة أولى عبر ميليشيات تابعة لها مثل الحشد الشعبي وفيلق القدس وغيرها ضمن إستراتيجية متكاملة لبسط نفوذها في عدد من المحافظات وخاصة الموصل عبر عمليات تغيير ديموغرافي ممنهجة تضمن التواجد الإيراني في العراق.
ثم انتقلت في مرحلة ثانية إلى سوريا وكانت البداية من منطقة دير الزور التي تشبه إلى حد كبير مدينة الموصل، حيث يشكل طرد تنظيم داعش منهما بيئة خصبة تسهل السيطرة على السكان الذين خرجوا من حرب مع الجهاديين ويتسم وضعهم بهشاشة تسهل تحويلهم إلى مجتمع مليشياوي أو السيطرة عليهم بقوة السلاح.
وبدأت إيران تنفذ إستراتيجيتها الإقليمية ميدانيا في سوريا منذ زيارة رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي إلى دمشق في 17 مارس الماضي، من أجل عقد اجتماعٍ ثلاثي في دمشق، وحضره كلٌ من اللواء محمد باقري رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، إلى جانب العماد عبد الله أيوب وزير الدفاع السوري، في إطار جهد إيراني لترتيب الأوضاع الجغرافية بالشكل الذي يضمن ربط طهران بدمشق.