حامد شهاب
وأخيرا إنتهت لعبة الحرب بين الولايات المتحدة وإيران ولم يعد للتراشق بين الشيطان الاكبر ولا الأصغر من معنى، وبدا الرئيسان ترامب وروحاني حبايب حبايب!
أجل، لقد تم حسم الموقف بينهما، بعد ان وجدوا ان العراقيين راحوا يتقاتلون فيما بينهم، ليظهروا من هو الاكثر ولاء لإيران، ومن يقف معها او ضدها. لكنهم أظهروا انهم في دفاعهم عن أيران أكثر وفاء من الزعماء الإيرانيين انفسهم.
عندها أيقن الايرانيون ان ما زرعوه طيلة كل تلك السنوات قد حان قطافه، ولهذا وجدوا ان الفرصة سانحة لإظهار قدرة ايران على التلاعب بمصير دول المنطقة، وارهاب قادتها، وأشعرتهم جميعا بضمنهم العراق، انهم بدون ايران لن يساووا شيئا، وانها هي من تخلصهم من المآزق في الظروف الحرجة.
وهكذا وبين ليلة وضحاها، تتبدل الأحوال، ويتعانق الشياطين، لا يهم ان كان من بدأ العناق الأكبر أم الاصغر، وقد اظهرا للعالم كله انهم "حبايب قرايب" مع الاعتذار للمرحومة وردة الجزائرية عندما اقتطفنا بعض كلمات أغنيتها عن شوق الحبايب ومدى ما يدور بينهما من عشق وغرام.
فلم تعد للحرب بين ايران والولايات المتحدة من معنى، وقد أدرك الطرفان بذكائهما وخبثهما، أنهما إخوان متحابان وان الحرب التي استعر اوارها في العراق وجن خلالها جنون قادته السياسيين هي مجرد كلام، لم يفهم مغزاه من راحوا يعلنون الحرب مع اميركا نيابة عن إيران، وانهم سيقيمون الدنيا ولا يقعدونها.
وتنفس الايرانيون كشعب الصعداء، ليس لان الحرب ستكلفهم ارواحهم وثرواتهم وحضارات تاريخهم الطويل، بل لأن كثيرا من العراقيين دفعوا ثمنا غاليا من تبعات تلك الحرب وأظهرت تلك الحرب انهم أصيبوا بحالات من الاذلال والمهانة، على يد إسرائيل والولايات المتحدة حليفتهم، على حد سواء، بل وظهروا انهم "قشامر" لا يفهمون لعبة الحرب الدولية.
وبخاصة بين قطبين كبيرين كل له مصالحه، ولن يضحي ببلده من أجل ارضاء نزواته، ودماء شعوبهم غالية عليهم، وأظهروا ان الاميركيين والايرانيين على درجة من العقلانية في الخطاب، لكن الوحيدين الذين جن جنونهم هم أهل العراق، من ساسته الذين اذاقوا بلدهم الويلات وجرعوا شعبهم كؤوس الحنظل.
شكرا للرئيس الأميركي ترامب وللرئيس الايراني روحاني، فقد جنبونا شرور الحروب وكوارثها، وقد أظهرا بينهما حبا منقطع النظير، في حين كاد العراقيون يذبح بعضهم بعضا.
لولا عناية الله وحفظه، وحكمة ترامب وروحاني، التي خلصتهم من حرب ضروس، تشبه حروب داحس والغبراء، في عصور الجاهلية، وكان العراقيون سيكونون وقودها وهم حطبها، بالرغم من ان ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.