Skip to main content

البشير وإيران؛ من تبادل الزيارات إلى طرد البعثة الدبلوماسية

عمر البشير، الرئيس السوداني السابق وعلي خامنئي، المرشد الإيراني
AvaToday caption
    أدركت الحكومة السودانية في وقت لاحق خطورة الأنشطة الإيرانية داخل السودان ومخاطر التعاون مع النظام الإيراني، فقامت بتصحيح موقفها، حيث أغلقت المراكز الثقافية الإيرانية في العاصمة وكذلك الحسينيات التابعة لإيران في مختلف مدن البلاد عام 2014
posted onApril 13, 2019
nocomment

علي عاطف

   اتسمت العلاقة ما بين نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير وإيران منذ انقلاب عام 1989 في السودان وحتى 2019 بالتذبذب والشد والجذب ما بين الصداقة والعداء.

فقد أعلن السودان قبل وصول عمر البشير إلى سدة الحكم، في عهد جعفر النميري، وقوفه إلى جانب العراق خلال فترة حربه مع إيران (1980-1988)، مما أحدث اضطراباً في العلاقات ما بين الطرفين إلى حين انتهاء فترة الحرب.

    لم تستمر التوترات في العلاقات ما بين البلدين على حالها، حيث تحسنت بشكل ملحوظ منذ بداية تسعينيات القرن الماضي لعدة أسباب كان من أبرزها حالة العداء التي تربط كلا البلدين مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما ارتأى النظام الإيراني في السودان آنذاك منفذاً مهماً له إلى أفريقيا.

    تبادل الطرفان الزيارات التي بدأها الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني عام 1991 ومحمود أحمدي نجاد عام 2007، ثم زار البشير إيران عدة مرات كان آخرها عام 2011. أثمرت هذه الزيارات في زيادة حجم التجارة ما بين البلدين الذي كان منخفضاً للغاية مقارنة بالتوسع في الناحية السياسية في تلك الآونة.

كما أسهمت في زيادة معدل التعاون العسكري بعد إبرام عدد من الاتفاقيات في هذا الصدد، وصل إلى حد أن تقوم إسرائيل عام 2012 بمهاجمة مصنع عسكري يُطلق عليه "اليرموك" في العاصمة الخرطوم قالت إنه يحتوي على أسلحة إيرانية.

  ويُعد الأكثر خطورة في تطور العلاقات بين البلدين هو الناحية الثقافية التي استغلتها إيران في محاولة نشر التشيع داخل السودان إلى أن عبّرت العديد من دول الشرق الأوسط عن قلقها من نفوذ شيعي لإيران داخل السودان. وقالت تقارير إن هناك عدداً من الحسينيات "السرية" داخل العاصمة الخرطوم ونشاطاً مقلقاً لطهران داخل السودان بشكل عام في هذا الصدد.

    أدركت الحكومة السودانية في وقت لاحق خطورة الأنشطة الإيرانية داخل السودان ومخاطر التعاون مع النظام الإيراني، فقامت بتصحيح موقفها، حيث أغلقت المراكز الثقافية الإيرانية في العاصمة وكذلك الحسينيات التابعة لإيران في مختلف مدن البلاد عام 2014.

    وأعلن السودان في العام التالي 2015 دعمه لعملية "عاصفة الحزم" و "إعادة الأمل" لاستعادة الشرعية في اليمن والمشاركة فيها إلى جانب أشقائه العرب بقيادة المملكة العربية السعودية وذلك بعد سيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.

     وفي عام 2016، أغلقت الخرطوم السفارة الإيرانية وطلبت من السفير الإيراني والبعثة الدبلوماسية كاملة مغادرة البلاد واستدعت في الوقت نفسه سفيرها في طهران إثر تصاعد التدخلات الإيرانية في الدول العربية وتسبب ميليشيات إيران في رفع حدة التوترات في عدد من الدول من بينها العراق.

    كما كانت أهم أسباب ذلك الإغلاق تأكيد الحكومة السودانية في ذلك الوقت تضامنها مع المملكة العربية السعودية وإدانتها للاعتداء الذي تعرضت له سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، وهو اعتداء استنكرته مختلف الدول حول العالم، وحمّلت الخارجية السعودية في بيان لها الحكومة الإيرانية مسؤولية هذا الاعتداء. ومنذ ذلك الوقت تجنب السودان التعاون مع إيران أو مساعدتها وانخفضت بشكل كبير وتيرة الأنشطة الإيرانية في السودان.

 

* الباحث المصري في الشؤون الإيرانية