Skip to main content

العالم مستمر في خذلان الأطفال

الإيدز
AvaToday caption
عرّفته والدته على مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، الأمر الذي ساعده على تكوين صداقات، لكنه كان أيضا يواجه التمييز
posted onDecember 1, 2022
nocomment

كان صيف عام 1981 هو الفترة التي أدرك فيها المسؤولون في القطاعات الصحية للمرة الأولى وجود مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

وفي الثمانينيات من القرن الماضي كان تشخيص الإصابة بمرض الإيدز بمثابة إصدار "مذكرة وفاة"، ولكن مع التطور الكبير الذي شهدته العلوم الطبية أصبح من الممكن الآن وعلى نطاق واسع لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية أن يعيشوا حياة طبيعية صحية.

لكن أحدث الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لا يحظون بالاهتمام اللازم.

ويقول فوديه سيماغا، مدير الممارسات العالمية للعلوم والأنظمة والخدمات للجميع في برنامج الأمم المتحدة المعني بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز "لا يزال العالم يخذل الأطفال في الاستجابة للإيدز. الوقاية ممكنة من الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية بين الأطفال، ومع ذلك هناك 160 ألف طفل أصيبوا حديثا في عام 2021".

ووفقا للأمم المتحدة أصيب أكثر من 84.2 مليون شخص بفيروس نقص المناعة البشرية منذ بداية الوباء، وتوفي أكثر من 40 مليون شخص بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز.

ومقارنة بالأيام الأولى لانتشار الوباء، فإن الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية متاحة الآن على نطاق واسع، ولكن هذا التقدم في العلاج ليس على سوية واحدة بالنسبة لجميع الفئات.

وتقول الأمم المتحدة، إنه بينما كان 76 في المئة من عموم البالغين المصابين يتلقون الأدوية المضادة للفيروس في عام 2021، فإن 52 في المئة فقط من الأطفال ما بين (0-14 عاما) أتيح لهم العلاج.

وقد التقت بي بي سي ثلاثة أشخاص من جيل الشباب مصابين بالإيدز ومن ثلاث دول مختلفة، للحديث عن تجربتهم.

مارثا كلارا ناكاتو، من أوغندا، عمرها 26 عاما وتعيش في كمبالا. وشخصت إصابتها بالإيدز عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها.

في عام 2019، كانت مارثا واحدة من "الوجوه العالمية الخمسة للكفاح" من أجل تجديد موارد الصندوق العالمي، وهي حملة تصعيد الكفاح ضد الإيدز، التي جمعت رقما قياسيا بلغ 14 مليار دولار

كان شقيقها التوأم يشعر بالقلق لأنه مارس الجنس من دون وقاية. ورافقته مارثا إلى الوحدة الطبية الخاصة باختبار الإصابة بالإيدز. ونظرا إلى أن الفحص الطبي كان مجانيا، فقد قررت مارثا إجراء الاختبار أيضا.

وبينما جاءت نتيجة اختبار شقيقها سلبية، كانت نتائج مارثا إيجابية.

تقول مارثا "أتذكر أن أخي التوأم استدار نحوي وقال، 'مرحبا، هل مارست الجنس؟' أجبت 'لا، لا أعرف من أين يأتي هذا' .. ".

توفيت والدة مارثا عندما كانت في الخامسة من عمرها. ورباها والدها. وكان كلاهما (الأم والأب) مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

ومن بين الأولاد الثمانية كانت مارثا الوحيدة التي أصيبت بالعدوى.

وتضيف "لم أكن أرى سببا للحياة. كانت وسائل الإعلام في ذلك الوقت تنشر قصصا توصم فيها الناس بالعار بسبب إصابتهم بالإيدز. في أوروبا كان فيروس نقص المناعة البشرية يربط بتعاطي المخدرات. وفي إفريقيا كان مرتبطا بممارسة الجنس. أصبح الأمر فوق طاقتي. أصبحت لدي ميول انتحارية".

وجدت مارثا العزاء في مساعدة مراهقين آخرين يعانون من تجارب مماثلة، وانضمت إلى مجموعة لدعم المصابين بالإيدز.

وتقول "رأوا بي شرارة ضوء، وكانوا يأملون في أن أقود خطاهم. جاؤوا إلي طالبين النصيحة".

وبفضل تلك المجموعة، استعادت مارثا ثقتها بنفسها. كانت دراستها تسير بشكل جيد، بل إنها شاركت في مسابقة جمال نظمت للشباب المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. وهي الآن ضمن لجنة التحكيم.

ومارثا ناشطة أيضا في الدفاع عن الحقوق الصحية، مع التركيز بشكل خاص على الصحة الجنسية والإنجابية.

وهي تركز على ضرورة اتباع أساليب الوقاية من الإيدز، وتقول "عند ممارسة الجنس بشكل عرضي، أو لليلة واحدة، وللاستمتاع باللحظة بأمان، فقط استخدم الواقي الذكري".

تدرك مارثا صعوبات المفاتحة والتصريح بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. لكنها لا تخفي أي شيء عن شركائها الجنسيين.

وتقول "أريد شخصا يحبني مع إصابتي بفيروس الإيدز، لأنها جزء مني، رغم أن الإصابة لا تعني من أنا"، وهي تعني أن شخصيتها لا تلخص بإصابتها.

وتضيف "لقد واعدت ثلاثة رجال. جميعهم يعرفون حالتي وإصابتي بالإيدز. لقد أحبوني لما أنا عليه ... ولا تسألني لماذا لست متزوجة. أنا لست متزوجة لأن أحلامنا مختلفة".

كان الرجال الثلاثة غير مصابين بالإيدز، ولا يزالون كذلك. وتقول مارثا إن الأدوية المضادة للفيروسات التي تتناولها بشكل يوم ثبطت الفيروس وقللت الحمل الفيروسي لديها.

وتوضح قائلة "أنا على ثقة بنسبة 101 في المئة من أنني سأكون أماً في يوم من الأيام، والطفل الذي سأنجبه لن يكون مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية. أقول وقلبي كله أمل، لأنني مواظبة على تلقي علاج فعال للغاية".

لولو مانغانغ، شاب عابر جنسيا وعمره 23 عاما، وهو ناشط في حملات مكافحة الإيدز، يعيش في إيمفال، شمال شرقي الهند.

درس لولو علم الحيوان، وهو يخطط الآن لمتابعة الدراسات العليا في الكيمياء الحيوية. وهو يقول "أود إجراء بحث حول فعالية أدوية فيروس نقص المناعة البشرية".

ولد لولو في دلهي عام 1999 لعائلة فقيرة. وبعد وفاة والده عام 2002 ، رباه خاله. ويقول "شخصت إصابتي بالإيدز وأنا في سن السادسة أو السابعة".

ويضيف "لم أكن أعرف كيف أتصرف. كنت غاضبا وحزينا. كان لدي مزيج من المشاعر. لا أعرف إلى من أتوجه باللوم. كنت غاضبا من نفسي أيضا وألعنها".

ويوضح "تحدثت إلى والدتي، وشرحت لي أن المرض انتقل إلي منها".

عرّفته والدته على مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، الأمر الذي ساعده على تكوين صداقات، لكنه كان أيضا يواجه التمييز.

ويقول "أحد الأطفال أشار فجأة إلى حالتي أثناء اللعب، وقال لي ألا أقترب منه أو ألعب معه. ثم اشتبكنا في عراك عنيف، وكلانا أصيب بأذى جسدي".

حين كبر، تعلم لولو كيفية التعامل بشكل أفضل مع التحديات.

ويقول "لا أتوقع الكثير من المجتمع. نحن مختلفون عن بعضنا، وكلنا لدينا عقليات مختلفة".

ويوضح "البعض يمكنه أن يراني كما أرى نفسي، والبعض الآخر لا يمكنه ذلك".

ويقول لولو إنه لم يواجه أي عقبات في حصوله على العلاج بسبب كونه عابر جنسيا. وهو ناشط منذ ثلاث سنوات في منظمة غير حكومية، ما يتيح له العمل مع الشباب المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

ويعتقد لولو أن رفع مستوى الوعي بالمرض أمر ضروري لوقف التمييز، ويقول "بسبب انعدام شروط الأمان والنقص في المعلومات، يصبح كثير من الناس ضحايا، ويتعرضون للتمييز".

ويضيف "قررت أن لا أخفي إصابتي ليس لأن الأمر مقبول بسهولة هنا في ولايتي (مانيبور). لقد فعلت ذلك لأنه قد يكون مصدر إلهام وتحفيز لبعض الشباب".

واستقبل قراره بردود فعل إيجابية، وتواصل العديد من الشباب معه للحصول على المساعدة والمشورة.

ويمثل إيجاد طريقة للتغلب على العقبات أولوية بالنسبة للولو، ويقول "من المهم أن تبحث عن وسيلة أخرى عندما يستمر المجتمع في رفضك".

ويؤكد "أنا فقط أحاول أن أحب نفسي".

الإيدز بالأرقام

بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون مع إصابة بالإيدز 38.4 مليون شخص على مستوى العالم عام 2021

أصيب 1.5 مليون شخص بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 2021

توفي 650000 شخص بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز عام 2021. ويشمل ذلك حوالي 110 آلاف طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 0-19 سنة

عدد الشباب المصابين بالإيدز يبلغ 2.7 مليون

يشكل الأطفال والمراهقون 7 في المئة فقط من مجموع المصابين بالإيدز، لكنهم يمثلون 17 في المئة من الوفيات و 21 من الإصابات الجديدة المسجلة عام 2021

أصيب 84.2 مليون شخص بفيروس بفيروس نقص المناعة البشرية منذ أن بدأ الوباء، وتوفي 40.1 مليون شخص بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز.

أيانا، طالبة جامعية عمرها 18 عاما، ولدت في أوش في قرغيزستان، وهي الآن مقيمة في العاصمة بيشكيك، وتقول: "سأعلن إصابتي بالإيدز عندما أكون جاهزة"

كما تقول لبي بي سي "منذ أن وعيت وجودي، وأنا أعيش مع الفيروس".

خلال الفترة بين عامي 2006-2007 ، أصيب 391 طفلا بفيروس نقص المناعة البشرية في عدوى انتقلت إليهم أثناء وجودهم في مستشفى، ومن ضمنهم أيانا، حسب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز. وحضرت والدة أيانا سلسلة من الندوات التي ساعدتها على تنشئة ابنتها من دون خوف.

خلال سنوات المراهقة، انضمت أيانا إلى مجموعات لدعم المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

وتقول "نحن نساعد بعضنا البعض".

وعلى خلاف أيانا، هناك العديد من الفتيات الصغيرات اللواتي لا يتناولن أدويتهن اليومية، لكنها تحاول مساعدتهن.

وتوضح قائلة "لدي صديقة لم ترغب في تناول الحبوب. ابتكرنا كلمات سرية للتواصل. عندما أريد تذكير صديقتي بالدواء، أسألها، هل سقيت الزهور؟".

ولم تكشف أيانا حقيقة وضعها الصحي وإصابتها بالإيدز سوى لأفراد أسرتها وأقاربها المقربين.

وتقول "في يوم من الأيام سأخرج إلى العلن، لكنني لن أفعل ذلك من أجل والديّ أو أي شخص ما. سأفعل ذلك عندما أكون مستعدة".

وتشير إلى أنها على اطلاع بالصعوبات التي يواجهها أصدقاء لها بعد تسرب خبر إصابتهم.

وتقول "الوصمة والتمييز لا يزالان موجودين. مؤخرا، أخذ زملاء في الصف لصديقة لي دفتر مذكراتها واكتشفوا إصابتها بالإيدز. ونشر الخبر على نطاق واسع، وتعرضت للتنمر، وفي النهاية اضطرت إلى تغيير المدرسة".

تسجلت أيانا في الجامعة، وهي تأمل بأن تصبح صحفية في غضون سنوات قليلة. وفي وقت فراغها تكتب قصصا خرافية، وتأمل بنهاية سعيدة.

"الحياة مثل المياه الجارية. كل ما حدث لي جعلني ما أنا عليه اليوم. أريد أن أستمر في عيش هذه الحياة كما هي، وأرى إلى أين ستأخذني".