Skip to main content

البصرة تنتفض لإنهاء وجود ميليشيات ويد إيران في المدينة

جانب من مظاهرات البصرة
AvaToday caption
لم تتوقف المليشيات الإيرانية، خلال الأشهر الماضية، عن اعتقال المتظاهرين والناشطين ونقلهم إلى أماكن مجهولة
posted onDecember 29, 2018
nocomment

تقترب مظاهرات البصرة من دخول شهرها السادس، دون توقف، مطالبة بإنهاء الوجود الإيراني ومليشياتها الإرهابية في العراق، ما يؤكد أن عام 2018 شكل بداية النهاية لسيطرة طهران على قرارات بغداد.

وتشير التوقعات إلى أن الاحتجاجات لن تتوقف عند بوابة البصرة؛ بل ستمتد لتشمل مدنًا أخرى، خلال الفترة المقبلة، فمنذ انطلاقها لم تتوقف عن مطالبها حتى الآن.

وعلى مدى الأشهر الماضية، لم ينل أهالي البصرة سوى الاغتيالات والتعرض للتصفية والاعتقال من قبل المليشيات الإيرانية التي اغتالت خلال الأشهر الأربعة الماضية 4 ناشطين بارزين، هم محامي الدفاع عن المتظاهرين جبار عبدالكريم، والناشطة سعاد العلي، والمعاون الطبي حيدر شاكر، ورجل الدين وسام الغراوي.

كما قتلت هذه المليشيات الإيرانية 22 متظاهرًا، خلال الاحتجاجات التي أصيب فيها أكثر من 600 متظاهر بجروح إثر استهدافهم بشكل مباشر، واعتقال المئات من الناشطين والمتظاهرين الذين لا يزال مصير غالبيتهم مجهولا.

فقر وتردي خدمات

واعتبر الشيخ رائد الفريجي، رئيس مجلس عشائر البصرة أحد المشاركين الرئيسيين في المظاهرات، أن انطلاق الاحتجاجات جاء ردا على الظلم والفقر وتردي الخدمات الذي شهدته المدينة على مدى 15 عامًا مضت.

وأضاف الفريجي  أن "واردات البصرة تشكل 85% من موازنة العراق؛ لكن تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 يتم على أساس المحاصصة، وكل كتلة تأخذ لنفسها وزارة، لذلك انشغلت هذه الكتل بمصالحها الخاصة، وتسبب التدخل الخارجي بالقرار الوطني في تراجع أوضاع المحافظة وتهميشها".

وأشار إلى أن "الحكومتين، السابقة والجديدة، لم تنفذا حتى الآن الوعود التي قطعتها لأهالي البصرة"، مؤكدا أنه "خلال الشهرين الماضيين وصلت تخصيصات مالية تقدر بـ500 مليار دينار إلى المحافظة مع الصلاحيات اللازمة للتصرف بها، لكنها لم تصرف ومصيرها مجهول".

وفي ١٣ يوليو/تموز الماضي وعقب أسبوع من انطلاق المظاهرات، زار رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، البصرة للاطلاع على أوضاعها ومحاولة احتواء الاحتجاجات، لكن المتظاهرين حاصروا مقر إقامته في فندق البصرة الدولي وطالبوه بالمغادرة، بعد رفض اللجنة المشرفة على المظاهرات مقابلته، وأكدت أن مطالبها واضحة ولا تحتاج إلى لقاءات.

 

مظاهرات البصرة

 

وظائف وطوارئ بالبصرة

وأعلنت الحكومة العراقية تخصيص 10 آلاف فرصة عمل لسكان البصرة، فيما شكل مجلس الوزراء وفدًا حكوميًا برئاسة وزير النفط، للبحث عن حلول عاجلة للمشكلات التي تعانيها المدينة.

وأصدرت الحكومة كذلك أوامر بتعيين 250 من أهالي قضاء المدينة شمال البصرة، وتخصيص أموال لتنفيذ مشاريع تحسين خدمات المياه والكهرباء والصحة والخدمات العامة والأمن، لكن الأهالي لم يشهدوا حتى الآن تنفيذ أي وعود منها، وفقًا للشيخ رائد الفريجي.

وبادرت حكومة بغداد إلى إعلان حالة الطوارئ في البصرة، ونقلت العديد من قطعاتها العسكرية من محافظات "نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار" التي ما زالت تشهد تحركات لتنظيم "داعش" الإرهابي إلى البصرة للحد من توسع المظاهرات، وحجبت مواقع التواصل الاجتماعي في كل أنحاء البلاد.

سبتمبر.. شهر تصاعد الاحتجاجات

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في البصرة، 7 سبتمبر/ أيلول الماضي؛ حيث اقتحم محتجون مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة وأضرموا النار فيها، وتزامنًا مع ذلك أشعل المتظاهرون النيران في 12 مقر مليشيا وحزبًا تابعا لطهران  في المدينة، ما دفع القوات الأمنية العراقية إلى إعلان منع التجوال، وشن حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من الناشطين، ولا تزال مستمرة حتى الآن.

وتابع رئيس مجلس عشائر البصرة: "مدينتنا لم تهدأ حتى الآن، وستتواصل هذه المظاهرات لأن الحكومة الاتحادية في بغداد و المحلية في البصرة لم تفيا بوعودهما، والحكومة الجديدة في بغداد انشغلت أيضا بالتحالفات والتناحرات السياسية وهي معطلة بسبب الخلافات".

وأشار إلى أن الأحزاب بدأت تفقد جماهيرها؛ بسبب ما وصلت إليه الأمور، مؤكدا أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي لا يستطيع إدارة البلاد لوجود شخصيات وأطراف سياسية أقوى منه.

 

متظاهرون من البصرة

 

مليشيات إيران وحملات الاعتقال

ولم تتوقف المليشيات الإيرانية، خلال الأشهر الماضية، عن اعتقال المتظاهرين والناشطين ونقلهم إلى أماكن مجهولة، وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم المشاركة مجددا في الاحتجاجات.

كما شهدت البصرة عمليات اقتحام ومداهمة لبيوت الناشطين تنفذ غالبيتها عند الفجر بحثا عن الذين وردت أسماؤهم في القائمة التي أصدرتها السفارة الإيرانية في بغداد وطلبت من المليشيات تصفيتهم وإلقاء القبض على عدد آخر منهم.

بدوره، أكد كاظم السهلاني، المتحدث باسم الحراك المدني في البصرة ، أن الاحتجاجات بدأت نهاية يونيو/حزيران مع ظهور لجنة المطالبين بفرص العمل وامتدت واتسعت لتشمل مطالب أخرى، خصوصا مع ازدياد نسبة الملوحة في الماء وظهور مواد سامة فيه أسفرت عن تسمم أكثر من 150 ألف مواطن.

وأضاف السهلاني: "فشلت الحكومتان الاتحادية والمحلية مجددا في التعامل مع هذه المظاهرات، وبدلا من مراعاة الأسباب الحقيقية لها، قررتا ضرب المظاهرات وقمعها، ما تسبب في مقتل أكثر من 22 متظاهرًا وإصابة أكثر من 600 آخرين بجروح، فضلا عن حملة اعتقالات واسعة تعرض لها المتظاهرون".

وشدد السهلاني على أن "مطالب المتظاهرين بإعادة الوجه الحقيقي للبصرة لم تتحقق حتى الآن، وما زالت بدون كهرباء مستقرة ولا ماء نظيف، وأجواؤها مسممة بالغازات المنبعثة عن الاستخراجات النفطية الجائرة، وانعدام فرص العمل الحقيقية، وهي أكثر مدينة تمتلك العشوائيات في العراق اليوم".

ولفت إلى أن المدينة تتصدر اليوم بقية محافظات العراق بنسبة المتعاطين والمتاجرين بالمخدرات، وتحولت من ممر للمخدرات إلى أكبر مدينة للمتعاطين، مضيفًا: "عدد المتعاطين الذين ألقي القبض عليهم حتى الآن بلغ أكثر من 25 ألف متعاطٍ ومتاجر بالمخدرات بحسب إحصائيات القوات الأمنية".

وحذر مما تشهده المدينة من تجريف واسع للأراضي الزراعية والمساحات الخضراء، إلى جانب هيمنة المليشيات على المنافذ الحدودية وإدارة المحافظة.

ولم تنته المظاهرات في البصرة لكنها أصبحت متفرقة، فهناك أصحاب العقود بوزارة الكهرباء و في وزارة التربية، مع استمرار الاحتجاجات في أطراف المدينة  بمناطق الزبير والهوير، الأمر الذي يلوح بعودة الاحتجاجات الموحدة مجددا، فيما إذا استمرت الحكومتان الاتحادية والمحلية في تهميش المطالب.

ورفع البصريون خلال مظاهراتهم في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مطالب بإنشاء إقليما فيدراليا  كفله الدستور العراقي لهم، في إطار مساعيهم لنيل حقوقهم من الموازنة العامة للبلاد، فالمدينة أنجزت الخطوة الأولى من خطوات إنشاء الإقليم والمتمثل بإجراء الاستفتاء الأولي الذي أوقفت الحكومة السابقة العمل به قبل عامين بحجة الأزمة المالية والاقتصادية.

من جهته، أوضح الناشط المدني البصري، أمجد المالكي أن المظاهرات أخذت طابعا آخر خلال 2018 اختلفت فيه عن تلك التي تشهدها المدينة منذ عام 2011.

وأضاف "أهالي المناطق الشمالية للبصرة هم الذين بدأوا بالتظاهر وقرروا أن تكون احتجاجاتهم أمام المواقع النفطية كوننا في أغنى محافظة عراقية من حيث امتلاك النفط وهو ملك لسكان المدينة وشبابها الذين يعانون من البطالة ونقص الخدمات".

وتسيطر المليشيات الإيرانية على الاقتصاد البصري ولا سيما عمليات استخراج النفط وتهريبه عبر طهران بالتنسيق مع "تنظيم الحمدين" الحاكم في قطر، وتأتي مليشيات "العصائب" التي يترأسها الإرهابي قيس الخزعلي في مقدمة المسيطرين على عمليات التهريب بالتنسيق مع الحرس الثوري.

وتنقل المليشيات أموال النفط المهرب إلى بنوك طهران والدوحة لتمويل عمليات الحرس الثوري والمليشيات الإرهابية حول العالم رغم استمرار العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني.

ولم تتورط المليشيات بعمليات تهريب النفط فقط، فهي وبحسب معلومات خاصة تواصل تهريب الأموال الصعبة إلى إيران، إلى جانب تجارة المخدرات التي يشرف عليها الحرس الثوري عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" الذي يقوده الإرهابي قاسم سليماني، وتجارة البشر ونقل السلاح عبر الأراضي العراقية إلى سوريا واليمن ولبنان.