Skip to main content

شباب العراق يتجهزون لتظاهرات محاسبة القتلة

مسلسل استهداف الناشطين والسياسيين المعارضين مستمراً
AvaToday caption
وضع المتظاهرون عدة تكتيكات سيجري اتباعها في أماكن التظاهر، منها أن يكون التصعيد مناطقياً للوصول إلى الساحات الرئيسة في المحافظات، فيما ستكون التظاهرة الموحدة في بغداد، بحسب رحمة الله، الذي رجح أن يكون هناك "حضور جماهيري واسع"
posted onMay 23, 2021
nocomment

في دعوات شبيهة لما جرى في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 من تظاهرات شعبية ضخمة أجبرت حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وعدد من التنسيقيات التي تقود التظاهرات دعوات كبيرة للتظاهر في الـ25 من مايو (أيار) في بغداد وعدد من المدن العراقية.

ومنذ 10 أيام انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين في بغداد ومدن وسط وجنوب العراق موجهة إلى الشباب للتظاهر في الـ25 من مايو، احتجاجاً على استمرار قتل المتظاهرين من قبل الجماعات المسلحة، خصوصاً التي يعتقد أنها حليفة لإيران، فضلاً عن عدم تنفيذ الإصلاحات والحد من الفساد المستشري في البلاد.

وأثار مقتل مسؤول تنسيقية تظاهرة كربلاء إيهاب الوزني بالقرب من منزله في مدينة كربلاء في التاسع من مايو الحالي، احتجاجات كبيرة في كربلاء وحرق محيط القنصلية الإيرانية في المدينة، فضلاً عن سلسلة من التظاهرات في مدن النجف والحلة والناصرية وواسط والمثنى والديوانية.

واغتيل الوزني في أثناء عودته إلى منزله بسيارته الخاصة في حي الأحباب بمدينة كربلاء على يد مسلحين اثنين صورتهما كاميرات المراقبة يستقلان دراجة نارية، إذ هاجماه بالأسلحة الكاتمة للصوت في أثناء عودته من اجتماع سياسي لـ"شباب تشرين" في المدينة يهدف إلى زيادة زخم الاحتجاجات، لتحقيق عدة مطالب، أهمها القضاء على السلاح المنفلت لدى الميليشيات الموالية إيران، وتنظيم انتخابات بإشراف دولي لمنعها من التزوير.

ونفذت أغلب الاغتيالات التي استهدفت ناشطين محليين وسياسيين معارضين لسياسة إيران ومعارضيها في العراق بدراجات نارية ومسدسات كاتمة للصوت ورشاشات قرب منازلهم أو منازل أقرباء لهم، كما حدث في يوليو (تموز) الماضي مع الخبير الأمني الراحل هشام الهاشمي أمام منزله في منطقة زيونة شرق بغداد، إذ اغتيل على يد مسلحين يستقلون درجات نارية.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، اغتيل نحو ثلاثين ناشطاً، واختطف العشرات بطرق شتى ولفترات قصيرة، كما قتل نحو 700 متظاهر، وأصيب نحو 20 ألف في قمع الاحتجاجات من قبل القوات الأمنية والجماعات المسلحة الموالية إيران.

ويكشف الناشط البارز في التظاهرات، موسى رحمة الله، عن "وجود تنسيق عالٍ"، لتحشيد أكبر عدد ممكن من الأشخاص للخروج بالتظاهرة المقررة أن تكون في بغداد والساحات الرئيسة في عدد من المحافظات، مبيناً أن الشعار الرئيس لها "المطالبة بالقصاص من قتلة المتظاهرين".

يقول رحمة الله "فكرة التظاهرة كانت بناءً على ما اقترحه الوزني، حيث دعا جميع الحركات والكيانات السياسية والمجاميع التغيرية لفعالية احتجاجية يوم 25 مايو تكون مركزية في بغداد، وبعد قتله أصبحت وصيته ضرورة لا بد من تلبيتها".

ويوضح، "بداية الحملة كانت في كربلاء، وتمثلت المطالبة بالكشف عن قتلة المتظاهرين ضمن حملة (من قتلني؟)، وهي تزامنت مع اليوم العالمي للإفلات من العقاب"، مشيراً إلى أن المجاميع التغيرية الآن "متوحدة في المطالبة بتقديم قتلة المتظاهرين وبالشعارات الإصلاحية".

ويتابع رحمة، "توجد ثلاث مجاميع تغيرية ضمن صفوف التشرينيين، منهم من يؤمن بضرورة إسقاط النظام السياسي، ومجموعة تحاول تأسيس بديل سياسي حقيقي لتداول السلطة، ومجموعة أخرى مساندة لعوائل المغتالين والتضامن معهم في الكشف عن قتلة أبنائهم"، لافتاً إلى أن جميع هذه المجاميع "متوحدة بالمطلب الرئيس، وهو أن النظام السياسي متورط بالدماء، ويجب أن يحاسب أو يسقط".

ووضع المتظاهرون عدة تكتيكات سيجري اتباعها في أماكن التظاهر، منها أن يكون التصعيد مناطقياً للوصول إلى الساحات الرئيسة في المحافظات، فيما ستكون التظاهرة الموحدة في بغداد، بحسب رحمة الله، الذي رجح أن يكون هناك "حضور جماهيري واسع".

وعلى الرغم من حديث بعض قيادات التظاهرات عن ضرورة إسقاط النظام السياسي واستبداله فإن هذه المطالبة تمثل "سقفاً عالياً للتنفيذ"، خصوصاً مع انضمام كثير من قيادات التظاهرات لأحزاب سياسية وتشكيلها قوائم وتحالفات انتخابية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في الذكرى الثانية لانطلاق تظاهرات أكتوبر.

ولم ترفع الدعوات الحالية للتحشيد للتظاهرات صراحة شعارات إسقاط النظام السياسي أو الحكومة، لوجود قناعات واضحة بصعوبة تحقيق هذا الأمر، لعوامل متعددة محلية أو بالرفض الدولي لتحقيقها في المستقبل القريب.

وتعد الأزمة الاقتصادية وانتشار كورونا في العراق بمستويات قياسية منذ مطلع العام الحالي واستمرار الاغتيالات التي تشن ضد الناشطين البارزين المطالبين بالإصلاحات والتغيير السلمي أسباباً مهمة لخفض مستوى توقعات المشاركة في التظاهرات المقبلة.

ويرجح الناشط النجفي أمير سلام أن تكون استجابة الشارع النجفي "كبيرة لدعوة التظاهر"، فيما أشار إلى أن الشعارات "ستكون موحدة"، وستركز حول "الكشف عن قتلة المتظاهرين".

يقول، "يوجد انقسام في الشارع النجفي في شأن مكان التظاهر، فمنهم من يرغب في الالتحاق بمتظاهري بغداد، وآخرون يطالبون بالتركيز على التصعيد المناطقي في النجف"، متوقعاً "حضوراً نجفياً في التظاهرتين".

ويتوقع سلام حضوراً كبيراً في التظاهرات التي ستخرج في النجف، لا سيما في ظل التحشيد الحالي في وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عما شاهدناه في التظاهرة التي خرجت في النجف قبل أيام، ورددت شعار "من قتلني؟" ونددت بالوجود الإيراني.

ويتابع، "المطالب ستكون منسجمة مع شعارات بغداد، وهي ستركز حول الكشف عن قتلة المتظاهرين، وقتلة إيهاب الوزني بصورة خاصة، ولن تكون شعارات تخص محافظة النجف".

ويشير الناشط محيي الأنصاري إلى أن الحركات الشبابية والاحتجاجية بدأت التنسيق بمستوى عالٍ من أجل توحيد جهودها، للتوجه إلى بغداد في الـ25 من الشهر الجاري، معتقداً أن كثرة الدعوات المتقاربة زمنياً للخروج بالتظاهرة "ستقلل من زخم الاستجابة"، مشيراً إلى أن الهدف غير الواضح من هذا التحشيد مما سيقلل من حظوظها في أن تكون مليونية.

من جانبها، تلفت الناشطة زهراء كمونة إلى وجود خلافات بين الناشطات في شأن التظاهرة "تتركز حول المكان"، وهل ستكون مناطقية أم موحدة في بغداد، كما حدث في أكتوبر 2019؟

وتقول كمونة، "الحراك النسوي الذي قرر المشاركة يسير بالنهج العام، فالغالبية ستقرر التظاهر في مناطقها لصعوبة الوصول إلى بغداد"، مؤكدة أن الوجود النسوي "سيكون حاضراً في تظاهرة 25 مايو، وستكون شعاراتها عامة وموحدة، ليست خاصة بالحراك النسوي"، مشيرة إلى "أن هناك الكثير من النساء تنتظر الأيام المقبلة لتعطي قرارها النهائي من المشاركة من عدمها".

وكانت حكومة مصطفى الكاظمي قد نجحت في الحد من زخم التظاهرات في عموم العراق، خصوصاً بغداد، بعد أن أقنعت أغلب قادة التظاهرات بالانضمام إلى كيانات سياسية جديدة ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بهدف ترك الشارع وتوسيع مشاركة الشباب في العملية السياسية، والتخفيف من إجماع الشارع العراقي الرافض هذه العملية بعد فشلها في تحقيق تقدم يذكر في جميع المجالات.

وعلى الرغم من الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها الأحزاب والميليشيات ضد المتظاهرين، التي تتمثل بمختلف أشكال التخوين والاتهامات بالعمالة وتهديدهم بالتصفية كما حصل مع العديد من الناشطين فإن حراك قادة الاحتجاج أخذ منحى أكثر جدية لتكوين وتشكيل كيانات سياسية عابرة، ربما تكون الحصان الأسود في الانتخابات البرلمانية المقبلة.