Skip to main content

الشارع اللبناني يحاكم حزب الله

أنصار حزب الله هددوا الناشط لقمان سليم
AvaToday caption
معروف عن سليم أنه كان نشيطا وغزير الإنتاج في النشر والمشاريع التوعوية والثقافية، جريئا في التعبير، ومتمردا على السياسات التقليدية ورافضا للطائفية
posted onFebruary 5, 2021
nocomment

تحولت حادثة اغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم المعروف بمواقفه المناهضة لحزب الله إلى محاكمة شعبية في الشارع اللبناني للجماعة الشيعية المدعومة من إيران، من خلال رفع لافتات وشعارات توجه في مضامينها ومعناها اتهامات صريحة للحزب بالتورط في عملية الاغتيال.

وأظهرت لافتات رفعها محتجون اليوم الخميس في مظاهرات جابت شوارع بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة على اثر العثور على الناشط السياسي والاجتماعي جثة هامدة عليها أثار الرصاص، تساؤلات من قبيل "من قتل لقمان سليم"، "من فجر المرفأ"، من قتل رفيق الحريري وجبران تويني وسمير قصير" وفي ختام اللافتة كتبت هاشتاغات #حزب إرهابي #حزب الشيطان و #حزب الارهاب وأيضا #ايدك_عن_لبنان و #لبنان_سيد_حر_مستقل ومن ضمن الشعارات والهشتاغات التي ميزت المظاهرة أما ساحة العدل ببيروت، #دويلة_الإرهاب و #تفجير_قتل_خطف.

ويطلق نشطاء الحراك اللبناني على حزب الله اسم 'حزب الشيطان' نسبة إلى إيران التي تدعمه والتي ندد المحتجون باستمرار بتدخلها في الشأن اللبناني من خلال دعمها للجماعة الشيعية بالمال والسلاح.

واغتيال الناشط لقمان سليم ليس عملية الاغتيال الوحيدة التي يستفيق عليها لبنان في ظل اسوأ أزمة، فقد سبق اغتيال ضباط جمارك متقاعد كان مسؤولا في مرفأ بيروت ويعتقد أن لاغتياله علاقة بكتم أصوات تمتلك معلومات عن تفجير المرفأ التي تقول السلطات انه ناجم عن كميات كبيرة من نترات الامينيوم مصادرة منذ سنوات.

كما تم خلال نفس الفترة اغتيال مصور كان يقوم بأنشطة في المرفأ ويرجح أيضا أن له معلومات عن انفجار المرفأ.

وسبق لبعض السياسيين ومن ضمنهم النائب الدرزي وليد جنبلاط أن أثاروا علامات استفهام حول اغتيال المسؤول السابق في جمارك المرفأ والشاب المصور والعلاقة بمحاولات اخفاء حقائق حول انفجار الرابع من اغسطس/اب 2020.

وتشير تقارير إلى أن لحزب الله شبكة واسعة ومتنفذة في مرفأ بيروت وأذرع تتولى عمليات مشبوهة، فيما يشكل مرفأ بيروت منفذ حيويا للتسلل الإيراني للبنان ولتزويد حزب الله بالسلاح.

 وسليم لقمان (58 عاما) الذي عثر عليه مقتولا اليوم الخميس في سيارته في جنوب لبنان ناشط سياسي واجتماعي وباحث ومفكر عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتوعية على أهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.

وكان ينتمي إلى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أشد المنتقدين للقوة الشيعية والسياسية والعسكرية الأكبر في لبنان اي حزب الله المدعوم من إيران. ولم يمنعه ذلك من تركيز كل عمله ونشاطه في منزله في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله حيث أقام مركز "أمم" للأبحاث والتوثيق.

وإذا كان الكثير من مداخلاته التلفزيونية في الآونة الأخيرة تناول حزب الله الذي كان سليم يعتبر أنه يأخذ لبنان رهينة لإيران، لم يتردد في انتقاد كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والعجز في لبنان.

واستعانت عدة مراكز أبحاث ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرته ومنشوراته بسبب استقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية.

ووصفه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الخميس بأنه "ناشط محترم" و"صوت مستقل وصادق"، معبرا عن حزنه "لخسارته المأسوية".

ومعروف عن سليم أنه كان نشيطا وغزير الإنتاج في النشر والمشاريع التوعوية والثقافية، جريئا في التعبير، ومتمردا على السياسات التقليدية ورافضا للطائفية.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ندد كثيرون بقتل "الرأي الحر" من خلال قتله بالرصاص في قرية في جنوب لبنان.

وولد لقمان سليم في حارة حريك في العام 1962 من أب كان محاميا لامعا ومعروفا وأم مصرية. درس الفلسفة في جامعة السوربون في باريس.

وفي "دار الجديد" للنشر التي أسسها في التسعينات، تمت ترجمة كتب الرئيس الإيراني الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي للمرة الأولى إلى العربية. وعبرها، أنتج سليم مع زوجته الألمانية مونيكا بورغمان فيلمين وثائقيين أحدهما حول مجزرة صبرا وشاتيلا خلال الحرب الأهلية في لبنان والثاني حول سجن تدمر في سوريا حيث تعرض سجناء لبنانيون للتعذيب.

في منزل العائلة في حارة حريك الذي تتوسطه حديقة واسعة وحيث مركز "أمم"، كان سليم يحتفظ بنسخ عن الصحف الصادرة في لبنان منذ عقود. وكان من أبرز نشاطات المركز مشروعه الهادف إلى شفاء جراح الحرب الأهلية، فجمع أرشيفا هائلا عن تاريخ لبنان الاجتماعي والسياسي وضعه في تصرف الباحثين والإعلاميين. ونظم أنشطة ولقاءات للدفع في اتجاه مواجهة جراح الذاكرة والمصالحة بين اللبنانيين.

وحوّل اعتبارا من العام 2007 مستوعبا قرب منزل عائلته، إلى مساحة ثقافية فريدة من نوعها كانت تقام فيها معارض صور وعروض أفلام وحوارات مع فنانين ومخرجين محورها الحرب الأهلية (1975-1990). ولقيت مؤسسته دعما من دول أوروبية عدة خصوصا سويسرا وألمانيا. وكان يعمل في الفترة الأخيرة على مشروع لتوثيق يوميات الحرب السورية.

وفي 2008، أسس جمعية "هيا بنا" من أجل مواطنية جامعة" معددا بين أهدافها "الدفاع عن قيم المواطنة والتسامح والتعدد والديمقراطي وحقوق الإنسان".

واتهمه مناصرون لحزب الله مرارا بأنه من "شيعة السفارة"، أي من الناشطين الشيعة الذين ينسقون مع السفارة الأميركية في بيروت وبالتالي، هوجم مرارا على أنه "خائن وعميل".

في ديسمبر/كانون الأول 2019، تجمع عدد من الأشخاص أمام منزله في حارة حريك، مرددين عبارات تخوين وألصقوا شعارات على جدران المنزل كتب عليها "لقمان سليم الخائن والعميل" و"حزب الله شرف الأمة"، و"المجد لكاتم الصوت".

وعلى الأثر، نشر سليم بيانا اتهم فيه من أسماهم بـ"خفافيش الظلمة" بالقيام بذلك وحمّل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية ما جرى و"ما قد يجري" له ولعائلته ومنزله.

ويصفه عارفوه وزملاؤه بأنه "هادئ الطباع"، و"قارئ نهم"، و"خفيف الظل". وكان كذلك "متواضعا جدا" و"كتوما" بحسب صديقة له ويتحلى بـ"فصاحة كبيرة" باللغة العربية. وهو يكتب تغريداته على تويتر واضعا كل الحركات والهمزات على كل الأحرف.

على حسابه على تويتر كتب الصحافي نديم جرجورة أن سليم انتهج "سلوكا أخلاقيّا وثقافيا وفكريّا" في "مقارعة تنانين السلطة والنظام الحاكم في لبنان بأطيافه المختلفة وإنْ يكن حزب الله أكثر من يُواجهه سليم ويُقارعه".

وأضاف "اغتياله منبثقٌ من سيرته كناشطٍ يُنظّر ويُحلِّل ويعمل ميدانيا على توثيق وتسجيل ذاكرةٍ يريدها حيّة دائما".

وطلب الرئيس اللبناني ميشال عون بالتحقيق سريعا في ملابسات اغتيال الناشط الشيعي المعارض لحزب الله، لقمان سليم، فيما تتوالى إدانات واسعة للواقعة.

وشدد عون في بيان الخميس على "ضرورة الإسراع في التحقيق لجلاء الظروف التي أدت إلى وقوع الجريمة والجهات الواقفة خلفها".

وجاء اغتيال سليم عقب ساعات على اختفائه لدى عودته من زيارة منزل صديقه في إحدى قرى جنوب لبنان، وفق شقيقته رشا سليم التي قالت في تدوينة على حسابها بفيسبوك "هذا قضاء وليس قدر والقاتل معروف" دون تسمية أي جهة معينة.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمالحسان دياب إن "جريمة اغتيال سليم النكراء، يجب أن لا تمر من دون محاسبة"، مشددا في بيان على أنه "لا تهاون في متابعة هذه التحقيقات حتى النهاية والدولة ستقوم بواجباتها في هذا الصدد".

أما وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي فاعتبر أن "ما حصل اليوم (الخميس) إنما يشكل جريمة مروعة ومدانة"، مضيفا في حديث لقناة ام تي في الخاصة "أجريت منذ الصباح اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية لمتابعة تداعيات اغتيال سليم".

غرد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش قائلا "إنني منزعج للغاية من الخسارة المأساوية للقمان والصوت المستقل الصادق الشجاع".

وطالب كوبيتش من السلطات اللبنانية "التحقيق في هذه المأساة بشكل سريع وشفاف واستخلاص النتائج اللازمة"، مضيفا "يجب ألا يتبع هذا التحقيق نمط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي بقي بعد 6 أشهر غير حاسم وبدون محاسبة، يجب أن تعرف الناس الحقيقة".

أما سفير الاتحاد الأوروبي في بيروت رالف طراف، فأدان في تغريدة "ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان التي تسمح بوقوع تلك الأعمال المشينة"، مطالبا بالتحقيق في الحادث.

وتقدمت السفيرة الفرنسية لدى بيروت آن غريو في تغريدة  على تويتر "بأحر التعازي لعقيلة الناشط سليم وأسرته وأقاربه".

واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تغريدة على تويتر أن الناشط "لقمان سليم شهيد الرأي الحر، إذا كان للشر جولة، فسيكون للخير والحق ألف جولة وجولة".

وأدان حزب تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري في بيان اغتيال سليم، محذرا مما سماه بـ"مخاطر العودة إلى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين".

أما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط، فاعتبر في بيان أن "هذه العمليات الخطيرة تبعث على القلق على الكيان اللبناني القائم في جوهره على حرية الرأي".