وجهت فائزة رفسنجاني ابنة علي أكبر هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني الراحل الذي تولى كذلك رئاسة مصلحة تشخيص النظام، انتقادات عنيفة للنظام بسبب تدخله في سوريا.
وكشفت أن والدها رفض المشاركة الإيرانية في الحرب السورية منذ بداية الأزمة وأنه أبلغ قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بذلك، مشيرة إلى أن ذلك التدخل خلف 500 ألف قتيل.
وكان سليماني الذي قضى في غارة أميركية في بغداد في الثالث من يناير/كانون الأول من العام 2020 مكلفا بإستراتيجية التمدد الإيراني في الخارج وهو المشرف المباشر والأول على الميليشيات متعددة الجنسيات الموالية لإيران المنتشرة في كل من اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
وقالت في مقابلة مع موقع 'أنصاف نيوز' التابع للتيار الإصلاحي الإيراني "لقد استشار سليماني والدي قبل ذهابه إلى سوريا وأبلغه الوالد بألا يذهب" إلى هناك.
وتتعرض فائزة رفسنجاني منذ سنوات لمضايقات وصلت حدّ فصلها من منصبها في جامعة طهران بسبب مواقفها المنتقدة للنظام وللمرشد الأعلى علي خامنئي وقد أكدت في مقابلة في العام 2018 أن نظام خامنئي ينهار من الداخل واتهمت حكومة حسن روحاني بالعجز والفشل.
وفي أحدث مقابلة لها مع وسيلة إعلام إيرانية إصلاحية، أكدت أن لا أحد يتحدث اليوم حول ما فعله سليماني، لكن "والدي كان يتمتع بذكاء وبعد نظر وقد نصحه بعدم الذهاب وكان على حق".
وتساءلت الناشطة الإصلاحية والتي كانت في السابق عضوا بالبرلمان الإيراني، عن حصيلة التدخل الإيراني في سوريا والمنطقة، قائلة "ماذا أنتجت تصرفات سليماني وسياستنا المقاومة؟ ماذا حققت لنا في مجالات الاقتصاد والحريات والسياسة الخارجية؟"، مضيفة أن "سياسة المقاومة لم تترك لنا شيئا لنفخر به!".
وقدمت فائزة رفسنجاني قراءة واقعية لمآلات الوضع في إيران بعد عقود من سياسات مدمرة وتدخلات في شؤون المنطقة، معتبرة أن تلك السياسات "أدت إلى فقداننا أصدقاءنا وأصبحت سياستنا الخارجية تشبه السياسة الداخلية، حيث تحول المؤيدون إلى منتقدين ثم تبدل المنتقدون إلى معارضين".
وتكتسب تصريحات الناشطة الإصلاحية أهمية كونها تأتي من شخصية تعلم إلى حدّ ما بعض خبايا النظام الديني والسياسي الذي كان والدها جزء منه باعتباره كان الرئيس الرابع للجمهورية الإسلامية من 3 أغسطس/اب 1989 حتى الثالث من نفس الشهر1997. وكان أيضا رئيسا لمجمع مصلحة تشخيص النظام من 6 فبراير/شباط 1989 حتى 8 يناير/كانون الثاني 2017.
وعن الانتخابات الرئاسية الأميركية، قالت إنها تمنت لو أن دونالد ترامب فاز بولاية ثانية "من أجل الضغط على النظام لتغيير سياساته تجاه الشعب الإيراني وإن ذلك لن يتحقق في عهد الديمقراطيين، لأنهم أكثر ليونة في التعامل مع إيران"، مضيفة "مساعي الإيرانيين للإصلاح أدت إلى المزيد من القمع".
وأثارت تصريحاتها ردود فعل غاضبة في إيران خاصة في الجزء المتعلق بالانتخابات الأميركية، حيث أهملت وسائل الإعلام التابعة للمحافظين الجزئية في المقابلة المتعلقة بقاسم سليماني وركزت على تمنيات ابنة الرئيس الإيراني الراحل فوز الجمهوري دونالد ترامب.
وكان شقيقها محسن هاشمي رفسنجاني وهو رئيس مجلس بلدية طهران، أول من انتقدها وطالبها بالاعتذار قائلا إن "ترامب لم يفعل شيئا سوى فرض العقوبات والاغتيالات والإهانات ضد إيران. اعتذري عما كتبت ولا تشوهي سمعة أبيك".
وهاجمها مغردون على تويتر، حيث قال ناشط يدعى إبراهيم سلطانيان "ينبغي بيع فائزة رفسنجاني إلى داعش، كي تدرك الإنجاز العظيم الذي حققه سليماني".
ومن المتوقع أن تتعرض فائزة رفسنجاني للعقاب بسبب تلك التصريحات وقد سبق أن حكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ كما حرمت من ممارسة الأنشطة السياسية والثقافية والصحافية لمدة 5 سنوات بتهم تتعلق بالقيام بأنشطة دعائية ضد النظام.
وكان والدها أيضا على خلاف كبير مع المرشد الأعلى علي خامنئي بسبب تدخلاته في كل مناحي الحياة وبسبب سياساته التي أدخلت إيران في عزلة دولية، ما أثر على الحياة المعيشية للإيرانيين وعلى اقتصاد البلاد.
وكان الصراع مكتوما إلى حدّ ما، إلا أن ابنته كانت أكثر جرأة في مواجهة المؤسسة الدينية التي يقودها خامنئي والتي تستحوذ على الحياة السياسية والاجتماعية والتي أثقلت كاهل الإيرانيين سواء لجهة التدخلات الخارجية أو لجهة القيود الاجتماعية التي فرضتها على الشعب.
وتسلط تصريحات فائزة رفسنجاني الضوء على علل النظام الإيراني وهي من القائل من أبناء المؤسسة الدينية والسياسية التي تكسر حاجز الخوف وتخرج عن صمتها لتفضح ممارسات وضعت البلاد على حافة الانهيار.
وفي العادة لا يسلم منتقدو النظام من العقاب حتى لو كانت تصريحاتهم أدنى بكثير مما كشفته ابنة رفسجاني، فقاسم سليماني يعتبر خطا أحمر في إيران والخوض في مسيرته على خلاف ما يروج له النظام وسرد أخطائه أمر قد يكلف فائزة رفسنجاني غاليا.
و'اهانة النظام' و'القيام بأنشطة دعائية ضد النظام' و'الخيانة' وغيرها من التهم الثقيلة، تهم جاهزة للتخلص من منتقدي النظام.