عاد الدخان الذي تبعثه الإطارات المشتعلة إلى شوارع الناصرية، ترافقه صيحات محتجيها الذين كانوا آخر من انسحب من الحرام، بين المدن العراقية الأخرى بسبب ما قالوا إنه "عمليات ثأر" تقوم بها الأجهزة الأمنية في المدينة ضد قياداتهم.
ودخلت قوات من مكافحة الشغب إلى ساحة الحبوبي لمنع المتظاهرين من العودة لاستخدامها في الاحتجاجات، وقالت مصادر محلية إن هذه القوات تسيطر الآن على الساحة بشكل كامل.
وسُمعت أصوات إطلاق الرصاص الكثيف في وسط الناصرية، مع أنباء متضاربة عن القوات التي تطلق النار، لكن شهود عيان قالوا إن قوات من الجيش موجودة أيضا داخل المدينة، وقال بعضهم إن الجيش بدأ بتبادل إطلاق النار مع قوات مكافحة الشغب. لكن المعلومات لم تؤكدها مصادر رسمية.
ويظهر حسب الفيديو الذي نشره قناة (الحرة) الأميركية أن عناصر من الجيش العراقي وهم يطلقون النار في اتجاه معاكس لوجود المتظاهرين، الذين يبدوا أنهم يحتمون بقوات الجيش، ويهتفون تشجيعا للجنود.
وقال الناشط في تظاهرات الناصرية، علي الغرابي، إن "حملات المداهمات الحكومية تذكر بزمن البعث وأساليبه"، مضيفا " أن بعض المتظاهرين وجهت لهم تهم الانتماء إلى منظمات إرهابية".
وقال الغرابي إن "حكومة الكاظمي قامت بهذا التصعيد في نفس الوقت الذي تستمر به الميليشيات بتفجير منازل قيادات التظاهرات في المدينة".
ووفقا لإحصائية وضعها متظاهرون، فقد تم تفجير منازل 20 قياديا وناشطا في تظاهرات الناصرية، ويتهم المتظاهرون الميليشيات بالوقوف وراء هذه الاعتداءات.
كما اغتيل ممثل المحامين في قضاء الشطرة بالناصرية، الناشط، علي الحمامي، بعد اقتحام منزله من قبل مجهولين.
ويؤكد الغرابي أن هناك "قمعا ميليشياويا وحكوميا للمتظاهرين".
ولم ترد الحكومة المحلية على أحداث الناصرية، لكن مصدرا في شرطة محافظة الناصرية أكد وجود محتجزين بتهم تتعلق بـ"إثارة الشغب" و"نشر الشائعات"، وهي التهم التي يعتقل على أساسها المتظاهرون عادة.
وعاد ناشطو الناصرية إلى الاحتجاج في مناطق متفرقة من المدينة بعد إطلاق القوات الأمنية الرصاص على محتجين خرجوا لإدانة الاعتقالات التي تشهدها المدينة.
وبحسب ناشطين فإن "الحكومة شنت عشرات حملات المداهمة ضد ناشطين ومتظاهرين بدون سبب سوى الاشتراك في التظاهرات"، كما يقول الناشط في تظاهرات المدينة، أمجد العقابي.
ويعتقد العقابي أن "الحكومة تتصرف بمنطق المنتصر الذي يسعى إلى الانتقام من الخاسر"، مضيفا أن "الناشطين هددوا بتصعيد كبير في حال لم تنفذ مطالبهم".
وتتمثل مطالب الناشطين بوقف الحملات الأمنية ضدهم، وإقالة قائد شرطة المدينة ومحافظها، وإنهاء عمل خلية الأزمة الحكومية، واعتقال من يفجر منازل الناشطين، ومحاسبة الضباط الذين أطلقوا النار على المتظاهرين، وأولئك الذين يقومون بـ"تعذيبهم".