نقاش في إيران لنقل العاصمة من طهران إلى موقع آخر، والحرس الثوري منخرط في هذا الأمر، حيث يقول مسؤولون إنه حل جذري لما تعانيه طهران من مشكلات مستعصية مثل التلوث والاكتظاظ وغيرها من القضايا.
لكن يرى معارضون ومراقبون، أن هدف النظام هو إبعاد العاصمة ومؤسسات الدولة عن مناطق التظاهرات، والتحصن من إمكانية قيام أي تحرك شعبي ضد النظام، والذي سيكون من الصعب السيطرة عليه في طهران، إذا كان حراكا شعبيا عارما.
وأصبحت مدينة طهران عاصمة للبلاد في عام 1795، بعد أن كانت مدينة شيراز قبل هاصمة إيران.
أبو الفضل أبو ترابي، نائب في البرلمان الإيراني، قال لوسائل إعلام إيرانية إن القرار سيتخذ بعد أزمة كورونا.
وأوضح أبوترابي "أن قاعدة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثوري الإيراني قدمت طلبا رسميا، للرئيس الإيراني، حسن روحاني، تبدي فيه استعدادها لتولي عملية نقل العاصمة طهران إلى موقع آخر".
وأشار أبو ترابي الذي كان قد صرح أكثر من مرة بهذا الخصوص خلال السنوات الماضية، بأن روحاني بعث بخطاب رسمي إلى وزير الطرق والتنمية العمرانية، بصفته سكرتيرا لمجلس نقل العاصمة، ليتخذ القرار بعد كورونا.
ورغم الحديث أكثر من مرة عن نقل العاصمة من طهران إلى مكان آخر، إلا أنه لم يتم تحديد منطقة بعينها لتكون بديلا عنها.
وتشير المعلومات أن شركة "خاتم الأنبياء" والتي تعد أكبر شركة هندسية في البلاد، وهي تتبع للحرس الثوري الجمهوري، أوضحت أنه يمكنها القيام بكل الأعمال الهندسية والإنشاءات وغيرها في العاصمة الجديدة، وهو ما لم يكن مفاجئا للمراقبين، إذ أن هذه الشركة تسيطر على العديد من القطاعات الاقتصادية.
حاليا، تعد طهران أكبر المدن في البلاد، ويسكنها حاليا 14 مليون نسمة، وتعد العصب للسياسة والاقتصاد معا، ففيها الإدارات الرسمية، إضافة للصناعات الكهربائية، والنسيج، والسكر، وحتى المواد الكيميائية، وفق تقرير نشرته وكالة "بي أن أي إنتلي نيوز" والتي يقع مقرها في برلين.
ويبين التقرير كيف أن تركز الثروة في العاصمة، وقلة مساحات المتاحة للتطوير، فقد أصبح شراء عقار أو منزل هناك من المستحيل.
وخلال السنوات الماضية شكل موضوع نقل العاصمة تحديا أمام النظام الإيراني، خاصة وأن حدوث هزة أرضية فيها، قد تعني موت الملايين، فيما يقول معارضون إن النظام يتخوف من الهزات السياسية.
وتقع إيران عند ملتقى صفائح تكتونية عدة ويعبرها عدد من الصدوع والفوالق الجيولوجية، ما يجعلها عرضة لنشاط زلزالي كثيف، وفي 1990 تسبب زلزال وقع هناك بوفاة 40 ألف شخص.
في الاحتجاجات الأخيرة التي جرت في نهاية 2019، قمع النظام المتظاهرين، وتشير التقديرات إلى أن أعداد القتلى تجاوز الـ 1500 شخصا، وهو ما ينكره نظام خامنئي.
وتعتبر طهران من المناطق الأكثر تلوثا في الهواء على مستوى العالم، إذ أنها لم تشهد إلا 15 يوما من الهواء "النظيف" منذ رأس السنة الفارسية في 20 مارس، وفق التصريحات الرسمية.
وأغلقت السلطات الإيرانية المدارس في طهران أكثر من مرة خاصة بعد أن أصبحت مستويات التلوث "غير صحية بالنسبة للمجموعات الحساسة"، حيث يخيم الضباب الدخاني على المدينة لعدة أيام.
وتتجاوز مستويات التلوث في طهران بست أضعاف الحد الأقصى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبالغ 25 ميكروغراما للمتر المكعب، حيث وصل متوسط تركيز الجزيئات الخطرة المحمولة جوا إلى 145 ميكروغراما لكل متر مكعب في بعض الأيام من العام الماضي.
والقسم الأكبر من التلوث بالمدينة سببه المركبات الثقيلة والدراجات البخارية ومصافي النفط ومحطات الطاقة، بحسب تقرير للبنك الدولي صدر في 2018.
ويتسبب تلوث الهواء بوفاة نحو 30 ألف شخص كل عام في المدن الإيرانية، بحسب ما أفادت وسائل إعلام رسمية في وقت سابق هذا العام، نقلا عن مسؤول في وزارة الصحة.
يرى معارضون ونشطاء إيرانيون أن الحرس الثوري يستغل الأسباب الاقتصادية والبيئة التي تعاني منها طهران، من أجل تنفيذ خطوة استباقية لحماية النظام من أي ثورة شعبية لا يستطيع إخمادها خاصة أن البلاد على شفا الانهيار بسبب الفساد في النظام السياسي وسوء إدارة البلاد.
وتعتقد قيادات الحرس الثوري والاستخبارات أن حماية النظام في العاصمة أولوية أساسية في حال ثار الشعب على نظام خامنئي، خاصة أن البلاد مرت بحراك شعبي وانتفاضات أقلقت المسؤولين الذين يعتقدون أن الفجوة بينهم وبين الشعب باتت كبيرة.