تواجه إيران في الأشهر الأخيرة أزمة اقتصادية خانقة آخذة في التفاقم بسبب استمرار انتشار فيروس كورونا الذي ألقى بتداعيات وخيمة زادت في معاناة الاقتصاد الإيراني الذي يئن منذ سنوات تحت وطأة العقوبات الأميركية.
وتكابد إيران للسيطرة على وباء يتسع انتشاره تزامنا مع رفع اضطراري للقيود واستئناف الأنشطة التجارية لتجاوز انهيار اقتصادي غير مسبوق منذ فرضت واشنطن عقوبات قاسية على طهران.
وأشار الرئيس الإيراني حسن روحاني الأحد إلى أن بلاده تشهد أصعب عام يمر عليها بسبب العقوبات الأميركية التي تواكبت مع جائحة كوفيد-19.
وفاقمت أزمة فيروس كورونا المستجد من المشكلات الاقتصادية التي زادت حدتها بالفعل منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران وأعاد فرض العقوبات عليها.
وتراجعت العملة الإيرانية الاثنين إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأميريكي.
وقال روحاني في خطاب بثه التلفزيون، "إنه العام الأكثر صعوبة بسبب الضغط الاقتصادي من العدو والجائحة".
وأضاف "الضغط الاقتصادي الذي بدأ في 2018 تزايد واليوم يشكل أشد ضغط على بلدنا العزيز".
وشهدت إيران زيادة كبيرة في عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد منذ رفع القيود التي فرضت لاحتواء انتشار المرض تدريجيا منذ منتصف أبريل/نيسان. وتخطى عدد الوفيات اليومي بالمرض مؤخرا المئة للمرة الأولى منذ شهرين.
وقالت سيما سادات لاري المتحدثة باسم وزارة الصحة للتلفزيون الرسمي إنه تم تسجيل 2489 حالة إصابة جديدة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى 222669. وأضافت أن عدد الوفيات ارتفع إلى 10508 بعد تسجيل 144 حالة جديدة.
وقال روحاني إن استخدام الكمامات سيصبح إلزاميا لمدة أسبوعين اعتبارا من الأحد القادم في "أماكن التجمعات" التي تعتبر "مناطق حمراء" بسبب انتشار المرض فيها.
وحذر مسؤولون كبار من قبل مرارا من أن القيود قد تفرض مجددا إذا لم يتم الالتزام بقواعد مثل التباعد الاجتماعي للحد من تزايد عدد حالات العدوى.
وأطلقت إيران السبت حملة لتشجيع المواطنين على استخدام الكمامات، في وقت أطلق فيه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صيحة فزع بسبب عودة انتشار الفيروس بشكل مروع.
كما حذر خامنئي السبت من أن المشاكل الاقتصادية في البلاد يمكن أن تزداد سوءا في حال تفشي فيروس كورونا بشكل واسع، معتبرا أن الزخم السابق لاحتوائه قد "تضاءل".
وبذلت الجمهورية الإسلامية جهودا كثيفة لاحتواء جائحة كوفيد-19 منذ إعلان أولى الإصابات في مدينة قم المقدسة في فبراير/شباط الماضي.
وأغلقت أنشطة تجارية غير أساسية ومدارس وألغيت فعاليات عامة في مارس/آذار. لكن الحكومة رفعت تدريجا القيود اعتبارا من أبريل/نيسان سعيا لإعادة فتح الاقتصاد الذي يئن تحت وطأة العقوبات الأميركية.
ويأتي ارتفاع إصابات كورونا في إيران وسط انتقادات لاذعة طالت الحكومة الإيرانية بسبب تسرعها في رفع إجراءات الحجر الصحي واستئناف الأنشطة الاقتصادية، متجاهلة تحذيرات منظمة الصحة العالمية من رفع سابق لأوانه لقيود كورونا وسط عجزها عن السيطرة عن الوباء.
واضطرت إيران تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية الخانقة، إلى رفع القيود واستئناف عمل وحدات الإنتاج والأنشطة التجارية، على الرغم من النصائح التي قدمها أخصائيو الصحة من أن ذلك يساهم في انتقال عدوى الفيروس بشكل أوسع لاسيما وأن المرض يسجل يوميا مئات الإصابات وعشرات الوفيات بشكل متواتر.
وتسجل إيران بصفة يومية وعلى مدى نحو أسبوعين مال لا يقل عن مئة وفاة منذ رفع الحظر، وهي زيادة قال المسؤولون إنها ترجع إلى عدم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وقلة استخدام الكمامات.
وفي ظل استمرار انتشار فيروس كورنا قال مساعد وزير الصحة الإيراني إيرج حريرجي قبل أيام، إن حصيلة الوفيات بسبب كورونا أكبر من عدد القتلى في الحرب العراقية الإيرانية.
ويبدو أن إيران ملزمة بالتعايش مع فيروس كورونا لأشهر أخرى وفق التوقعات، لتجاوز الأزمة الاقتصادية في بلد يعجز عن توفير احتياجات مواطنيه حال بقائهم في منازلهم.
وتقع إيران بين مطرقة العقوبات الأميركية التي سببت لطهران متاعب اقتصادية حادة وسندان الفيروس الذي عمق تلك الأزمة وشل الحركة الإنتاجية في وقت تكابد فيه الحكومة الإيرانية من أجل إيجاد حلول لتجاوز معضلاتها الاقتصادية المتناثرة.