Ana içeriğe atla

عملية آية الله فاحش الثراء

خامنئي بنى أمبراطورية أقتصادية على حساب الفقراء
AvaToday caption
سمح نظام المؤسسات هذا لخامنئي بالحكم كملك إقطاعي، يتلقى الولاء والدعم من السادة الأقل شأناً مثل رئيسي والأعضاء الآخرين في المؤسسة الدينية
posted onJuly 31, 2019
noyorum

الرضا نادر

مع ارتفاع حدة التوترات في الخليج الفارسي، صعّدت إدارة دونالد ترامب عقوباتها المفروضة على إيران إلى مستوى لم يسبق له مثيل، ما زاد حدة الحصار المصرفي القائم.

لكن البيت الأبيض هذه المرة حدد أهدافاً جديدةً، من بينها فرض عقوبات شخصية على المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي.

قد لا تبدو محاولة معاقبة خامنئي سوى تعبير انتقامي حقير ضد أكبر زعيم سياسي في إيران، فضلاً عن كونها لا تمثل جزءاً من أي استراتيجية اقتصادية متماسكة.

وقد أبدت وسائل الإعلام التابعة للنظام في إيران رفضها هذه الخطوة من هذا المنطلق تحديداً. لكن العكس هو الصحيح: إذ يترأس خامنئي إمبراطورية تجارية واسعة تدعم النخبة الدينية في البلاد، وتسمح لها بتمويل الصراع الإقليمي والإرهاب، بينما تحميها من المساءلة العامة.

لذا يُمكن أن يكون تسليط الضوء على الاقتصاد الموازي الشاسع الذي يخضع لسيطرة خامنئي إلى حد كبير، هو المفتاح لانهيار الأسس التي يقوم عليها النظام.

يتمثل تأثير خامنئي في الاقتصاد في شكل "البنیاد"، أو المؤسسات التي جُمعت أوقافها الضخمة أصلاً إلى حد كبير من الأموال والممتلكات التي صودرت بعد الثورة الإسلامية من المؤسسات الحكومية المملوكة للدولة والمدعومة من الدولة في عهد الشاه، ومن الأقليات الدينية (اليهود والبهائيين خصوصاً).

واليوم، تتولى جهات فاعلة تابعة للدولة إدارة هذه المؤسسات ولكنها لا تخضع لهيئات مثل الرئاسة أو البرلمان، ما يحد من نفوذ وتأثير المسؤولين المنتخبين على الاقتصاد.

إلا أن ذلك لا يعني أن لدى خامنئي سيطرة مباشرة على جميع تلك المؤسسات. ولكن مكتبه مسؤول شخصياً عن واحدة من أكثر هذه المؤسسات ثراءً، وهي مؤسسة "ستاد اجرایی فرمان إمام"، أو "المقر الرئيسي لتنفيذ أوامر الإمام" (ويطلق عليه عادةً ستاد، اختصاراً).

وفقاً لتقرير استقصائي مفصل نشرته (وكالة رويترز للأنباء) عام 2013، ترجع نشأة ستاد إلى أمر مباشر أصدره المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الأسبق، روح الله الخميني قبل وفاته بقليل عام 1989، بإنشاء هيئة "لإدارة وبيع الممتلكات المهجورة في سنوات الفوضى" التي سادت خلال الثورة.

ومنذ ذلك الحين، "تحولت إلى قوة تجارية طاغية تمتلك الآن حصصاً في كل قطاع تقريباً من قطاعات الصناعة الإيرانية، بما في ذلك القطاع المالي والنفط والاتصالات وإنتاج حبوب منع الحمل بل وحتى تربية النعام".  وتقدر قيمتها الآن ما بين 100 مليار و200 مليار دولار.

يتمتع خامنئي أيضاً بتأثير على المؤسسات التي لا تخضع لسيطرته مباشرةً. فعلى سبيل المثال، تُقدر قيمة مؤسسة الإمام الرضا، التي تقع في مدينة مشهد المقدسة، بمليارات الدولارات وهي أكبر مالك للأراضي في المدينة.

وحتى وقت قريب، كان يترأسها آية الله إبراهيم رئيسي، أحد رجال الدين المؤثرين، والرئيس الحالي للسلطة القضائية في إيران والذي يشاع أنه الخليفة المحتمل لخامنئي لشغل منصب المرشد الأعلى.

ولكن على رغم تمتع رئيسي باستقلالية كبيرة في إدارة عمليات تلك المؤسسة، فقد كان دائماً في حاجة إلى موافقة خامنئي للحفاظ على سيطرته.

وعلى ذلك سمح نظام المؤسسات هذا لخامنئي بالحكم كملك إقطاعي، يتلقى الولاء والدعم من السادة الأقل شأناً مثل رئيسي والأعضاء الآخرين في المؤسسة الدينية.

يترأس خامنئي إمبراطورية تجارية واسعة تدعم النخبة الدينية في البلاد، وتسمح لها بتمويل الصراع الإقليمي والإرهاب، بينما تحميها من المساءلة العامة. لذا يُمكن أن يكون تسليط الضوء على الاقتصاد الموازي الشاسع الذي يخضع لسيطرة خامنئي إلى حد كبير، هو المفتاح لانهيار الأسس التي يقوم عليها النظام.

ستساعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن على إزالة أي عزلة تمتعت بها الطبقات الحاكمة بعيداً من المصاعب التي يواجهها الاقتصاد عموماً. ببساطة لا تتمتع مؤسسة "ستاد" الخاضعة مباشرةً لسيطرة خامنئي بعلاقات وثيقة مع غيرها من المؤسسات والشركات في إيران، إذ إنها تعتمد على علاقاتها الاقتصادية الخارجية في جميع أنحاء العالم، وبخاصة الاستثمارات في أوروبا (وتشمل هذه محاولات شراء محطات التكرير الأوروبية).

والآن قد يواجه الأفراد والشركات المتعاملون مع مؤسسة "ستاد" والشركات الفرعية التابعة لها عقوبات شديدة من الولايات المتحدة.

لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن فرض عقوبات على خامنئي وغيره من كبار مسؤولي النظام -بما في ذلك، وفقاً لما أوردته التقارير، وزير الشؤون الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف- يوجه سالة واضحة بشأن الغرض من سياسة الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة ترامب ضد إيران.

وعلاوةً على ذلك، فإنها توضح العلاقة الوثيقة بين الأهداف الاقتصادية والسياسية لهذا النهج. إذ إن الولايات المتحدة ليست مهتمة بإلحاق الضرر بالاقتصاد الإيراني في حد ذاته، بل تسعى إلى إقناع (وإجبار إذا لزم الأمر) الحكومة على الحد من نطاق أنشطتها الخبيثة.

سيكون من الصعب أن توافق إيران على الفور على اتفاق ديبلوماسي جديد يضع البرنامج النووي للبلاد في بؤرة التركيز بعد هذه العقوبات الأخيرة، وبعدما استهدف خامنئي شخصياً بهذه العقوبات، من غير المرجح أن يحرص على الدخول في مفاوضات في أي وقت قريب مع إدارة ترامب. يتعين علينا افتراض أن هذا الأمر لم تغفل عنه واشنطن، بل إنه خيار استراتيجي: إذ تسعى الولايات المتحدة إلى إحداث تغييرات أكثر عمقاً في السلوك الإيراني أبعد من الملف النووي، حتى لو كان السبيل الوحيد لتحقيق تلك الأهداف يشمل انهيار النظام، بدلاً من المفاوضات التقليدية.

قد تكون واشنطن محقة في الاعتقاد أنها تمتلك القدرة اللازمة للتطلع إلى مثل هذه الأهداف الطموحة. فقد شهدت إيران تظاهرات واسعة النطاق واضطرابات مدنية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2017. وأفادت تقارير بأن التظاهرات الأولية كانت نتيجة للسخط الذي اجتاح الرأي العام بسبب الميزانية الجديدة التي أقرتها إدارة حسن روحاني، التي زادت من تمويل البنیاد والهيئات الدينية التابعة للحكومة.

ويبدو أن إدارة ترامب ظنت أن فرض العقوبات عموماً، وتلك التي تستهدف خامنئي خصوصاً، لن تثير المزيد من الغضب الشعبي فحسب، بل ستضعف أيضاً نظام الرعاية الذي يرأسه المرشد الأعلى.

وعلى ذلك يُمكن أن يواجه النظام ثورة شعبية أو أن يعاني من عمليات انشقاق. قد يكون صحيحاً أن شخصاً مثل رئيسي، وهو جزء أساسي من النظام، قد لا ينشق في نهاية المطاف عن خامنئي، ولكن لا يمكن أن يقال ذلك عن المساعدين ذوي الرواتب المنخفضة وجنود المشاة.

يدعم حكم خامنئي اقتصاد إيران القائم على البنیاد الذي لا يخضع للمساءلة ويتسم بالاستقلالية غالباً. وعلى رغم أن فرض عقوبات على مؤسسة "ستاد" لن يُسفر عن تأثير فوري من شأنه تغيير النظام، فبمرور الوقت سيحدث ثغرة عميقة في القاعدة التي تدعم النظام.

بالنسبة إلى إدارة ترامب وأولئك الذين يعتقدون بضرورة إسقاط النظام داخل إيران، لا يزال خامنئي هو العقبة الرئيسية أمام إحداث أي تغيير جوهري في إيران، ونهاية عقود من التوترات التي لا هوادة فيها بين الولايات المتحدة وإيران.

لا شك أن فرض عقوبات على خامنئي و"البنياد" سيزيد من الدمار الواقع على سكان إيران الذين طالت معاناتهم. ولكنه قد يؤجج أيضاً الحركة الشعبية المتنامية التي تسعى إلى الإطاحة بالنظام نهائياً.