Ana içeriğe atla

عُمان تُقلق إيران

خريطة المنطقة المتفقة عليها
AvaToday caption
عُمان تدرك طبيعة تزايد المخاطر وتعقدها في المنطقة، وإن مسقط تسعى، أسوة بالآخرين، إلى تحصين دفاعاتها بالأمن غير المباشر عبر التعامل مع حليف قوي بوزن الولايات المتحدة
posted onMarch 26, 2019
noyorum

أثارت الاتفاقية العُمانية الأميركية الجديدة حول منح مسقط تسهيلات عسكرية للولايات المتحدة لاستخدام موانئها ومطاراتها، أسئلة حول تداعيات ذلك على موازين القوى في المنطقة، لاسيما على تلك المتعلقة بمستقبل الصراع في اليمن وجهود واشنطن لتقويض النفوذ الإيراني في المنطقة.

وأعلنت سلطنة عُمان عن توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة تسمح بموجبها للسفن والطائرات العسكرية الأميركية بالاستفادة من “تسهيلات” تقدّمها في بعض موانئ ومطارات السلطنة.

وتأتي هذه الاتفاقية مع تنامي قلق الولايات المتحدة من برامج إيران الصاروخية التي توسعت وتطورت في السنوات ‏القليلة الماضية رغم العقوبات والضغوط الدبلوماسية الأميركية.

ويكشف الاتفاق عن خطط أميركية جديدة للانخراط في تأمين سلامة الملاحة عبر مضيق هرمز، بحيث تبعد عنه أي أخطار قد تلجأ إليها إيران لتنفيذ تهديداتها ردّا على الضغوط الأميركية المتصاعدة منذ سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلاده من اتفاق 5+1 النووي الموقع مع إيران في فيينا عام 2015.

ولفتت مصادر دبلوماسية خليجية إلى أن الاتفاقية الجديدة بين مسقط وواشنطن وما توفره من تسهيلات عسكرية للقوات الأميركية في المنطقة لا يعتبر حدثا سعيدا بالنسبة للدوحة.

وأضافت أن الدوحة لن تكون مرتاحة جراء توفير عمان تسهيلات يفترض أن قطر توفرها للقوات الأميركية من خلال قاعدة العديد.

ويكتسي مضيق هرمز أهمية كبرى لإمدادات الطاقة العالمية، وتمرّ عبره يوميا ثلث كميات النفط التي تنقل عبر الشحن البحري.

ويشكل المضيق ممرا دوليا تعبره القوات الأميركية بشكل روتيني. وتقع حوادث في هذه المنطقة بين القوات الأميركية والبحرية الإيرانية.

وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، ردا على أي “عمل عدائي أميركي”، بما في ذلك محاولات وقف صادرات ‏النفط الإيرانية عن طريق العقوبات.

وقال مسؤول أميركي إن الاتفاقية ستزيد من الخيارات العسكرية الأميركية في المنطقة في مواجهة أي ‏أزمة.

وقالت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إن وزارتي الدفاع في البلدين وقّعتا، الأحد، على “اتفاقية إطارية” تهدف إلى “تعزيز العلاقات العسكرية العمانية الأميركية”.

ووقع الاتفاقية من جانب السلطنة محمد الراسبي، الأمين العام لوزارة الدفاع، ومارك. جي. سيفرز سفير واشنطن المعتمد لدى عمان.

وتابعت أن الاتفاقية “ستسمح لقوات الولايات المتحدة الأميركية الاستفادة من التسهيلات المقدّمة في بعض موانئ ومطارات السلطنة أثناء زيارة السفن والطائرات العسكرية الأميركية وخاصة في ميناء الدقم”.

وقالت السفارة الأميركية في سلطنة عمان، إن الاتفاقية تضمن للولايات المتحدة الاستفادة من المنشآت والموانئ في الدقم وصلالة، و”تؤكد من جديد التزام البلدين بتعزيز الأهداف الأمنية المشتركة”.

وتمنح الاتفاقية القوات الأميركية من خلال هذه التسهيلات ما يشبه القاعدة في ميناء الدقم تضاف إلى القواعد التي تمتلكها الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي.

وأضاف المسؤول الأميركي “إن ميناء الدقم جذاب للغاية، والموقع الجغرافي مهم من الناحية الاستراتيجية لكونه خارج مضيق ‏هرمز″، موضحا أن المفاوضات بدأت في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

ويمكن للاتفاقية أن تعزز موقع الولايات المتحدة في المنافسة العالمية مع الصين على النفوذ في المنطقة. ‏ولفت مراقبون إلى أن الحدث يعلن أيضا قرارا عُمانيا باستبعاد إيران من استخدام الدقم، ذلك أن الاتفاقية تعني أن لا مكان لإيران في الدقم، لأن من الصعب تصور أن إيران والولايات المتحدة تتمتعان بمزايا استراتيجية من مصدر واحد.

وأكد المسؤول الأميركي على أهمية الاتفاقية لأنها تحسن الوصول إلى موانئ تتصل بالمنطقة عبر شبكة من الطرق، ما يمنح الجيش الأميركي قدرة كبيرة على الصمود في وقت الأزمة.

ويطلّ ميناء الدقم على بحر العرب، ويبعد نحو 500 كلم عن مضيق هرمز الاستراتيجي. وتستخدم القوات الأميركية عدة قواعد عسكرية في الخليج، بينها قاعدة رئيسية في قطر تنطلق منها طائرات توجّه ضربات لتنظيمات متطرفة في المنطقة.

ويتساءل مراقبون عما ستوفّره التسهيلات العمانية الجديدة في ما يتعلق بالصراع في اليمن، وعما إذا كانت هذه الاتفاقية تؤشر إلى خطط جديدة أعدتها واشنطن للإدلاء بدلو آخر يهدف إلى طرد النفوذ الإيراني من اليمن، وإنهاء الحرب التي تستخدمها طهران لإدامة انخراطها في أنشطة مهددة لأمن دول الخليج.

وتنشط القوات الأميركية في منطقة الخليج ضد التنظيمات الإرهابية، لاسيما تنظيم القاعدة في اليمن، وتشن هجمات بطائرات من دون طيار على مواقع لهذه التنظيمات على الأراضي اليمنية.

وبغض النظر عن الخطط الأميركية وما يرسمه البنتاغون لعقد اتفاقاته مع هذا الطرف أو ذاك، فإن خبراء في الشؤون العمانية لفتوا إلى أن مسقط سعت إلى عقد هذه الاتفاقية من أجل تلبية متطلبات السلطنة الأمنية والاستراتيجية.

وقال هؤلاء إن عُمان تدرك طبيعة تزايد المخاطر وتعقدها في المنطقة، وإن مسقط تسعى، أسوة بالآخرين، إلى تحصين دفاعاتها بالأمن غير المباشر عبر التعامل مع حليف قوي بوزن الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن السلطنة لطالما لعبت دورا وسطيا بين دول مجلس التعاون الخليجي، وسعت إلى التموضع داخل موقع الوسيط بين واشنطن وطهران كما بين بقية دول الخليج وإيران، إلا أن المراقبين يرون أن الانخراط العسكري الأميركي الذي تمثله اتفاقية التسهيلات بين واشنطن ومسقط ستقلب توازن القوى على غير ما تشتهي إيران، بحيث يميل ذلك التوازن لصالح الخيارات الأميركية وحدها.

وعبّر المراقبون عن اعتقادهم بأن هذه المتغيرات الإقليمية والدولية ستجبر مسقط على إعادة قراءة حساباتها القديمة وتسلط الضوء على نجاعة السياسة العمانية في التمسك بخيار الحفاظ على مسافة من التحالف العربي ونسج علاقات مع الحوثيين في اليمن والتموضع عند نقطة توازن تساوي فيها علاقاتها الخليجية العربية مع علاقاتها الإيرانية.

ولفتت مصادر دبلوماسية غربية في المنطقة إلى أن على كافة دول المنطقة، وخصوصا إيران، أن تأخذ علما بأن الولايات المتحدة باتت طرفا جديدا في المنطقة، وأن مستقبل التوازنات في المنطقة يجب أن يأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار في خيارات السلم كما في خيارات الحرب.