من المقرر أن الحروب والاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تعد أرضاً خصبة للتدخلات الخارجية، وهو ما عملت إيران على استغلاله في أفريقيا، فقد وجدت فيها ساحة للتغلغل ومحاولة قضم الوجود العربي والسنّي فيها.
وكشف تقارير ميدانية عن أنه من بين 14 حالة كشف فيها عن وجود أسلحة إيرانية في القارة السمراء، كانت هناك فقط 4 حالات مع الحكومات، والعشر المتبقية مع جماعات غير نظامية، فقد دعمت الانفصاليين في منطقة «كاسامانس» في السنغال ومتمردي ساحل العاج، وغامبيا، وفي نيجيريا حركة إبراهيم الزكزاكي، الأمر الذي تسبب لاحقاً في قطع حكومات هذه الدول علاقاتها مع إيران.
كما تم الكشف عن أن بنادق مصنوعة في إيران انتهى بها المطاف في أيادي المتمردين في أفريقيا الوسطى لتسهم في إذكاء الصراع في هذا البلد المنكوب.
كما كشف تقرير آخر عن نشاطات لشبكة تهريب أسلحة تدعى «الوحدة 190» تابعة لـ«فيلق القدس» الإيراني وظفت عشرات الأشخاص لتهريب الأسلحة إلى المناطق المضطربة في أفريقيا.
كذلك شكل الشرق الأفريقي محطة استراتيجية مهمة لطهران لتدعيم وجودها في البحر الأحمر، فسعت على فترات إلى تطوير علاقاتها مع دول شرق أفريقيا، مثل كينيا وتنزانيا وجزر القمر، لتصنع لنفسها منصة ارتكاز مهمة تمكنها من القيام بمهام استخباراتية ولوجيستية في المنطقة لدعم الموالين لها في اليمن، والضغط على المجتمع الدولي.
لم تسلم أوروبا من قيام «الحرس الثوري» والاستخبارات الإيرانية بعمليات إرهابية على أراضيها، فبعد الثورة عام 1979 أصبحت أوروبا أحد المهاجر للإيرانيين الفارين من بطش وقمع النظام في بلادهم، كما أصبحت من المرتكزات الأساسية في عمل المقاومة الإيرانية السلمية لتغيير نظام الحكم، فعمل «الحرس الثوري» على تتبعهم والتجسس عليهم ومحاولات اغتيالات لقادتها، كانت أخراها محاولة تفجير مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس منتصف عام 2018.
وكشفت التحقيقات عن تورط عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني يحملون جوازات سفر دبلوماسية في دولة أوربية عدة، وتم القبض عليهم، إلى جانب تورط أعضاء في جمعيات شيعية ذات مظهر خيري في هذه العملية، ما دفع فرنسا إلى إغلاق هذه الجمعيات وفرض عقوبات على إدارات عدة في وزارة الاستخبارات الإيرانية.
كما تعمل إيران على التغلغل القوي بين المجتمعات الإسلامية في أوروبا وتحويلها إلى آيديولوجيتها، كما تفعل في البوسنة التي تورد تقارير أن 300 من عناصر «حزب اللبناني» دخلوا إليها إبان حرب التسعينات من القرن الماضي بحجة دعم المسلمين عسكرياً، والهدف الأساسي التغلغل داخل المجتمع البوسني؛ خصوصا الشريحة العسكرية والسياسية، وتذكر التقارير أن هذه العناصر بقيت في البوسنة ولم تعد حتى الآن. كما تعمل إيران على كسب ولاء المؤسسات الرسمية في البوسنة عبر إغراءات اقتصادية وسياسية وعسكرية، وعملت طهران على توقيع اتفاقية مع البوسنة لإلغاء تأشيرات الدخول بشكل متبادل.