Ana içeriğe atla

العراق؛ زمن الميليشيات المنفلتة

ميليشيات الحشد الشعبي
AvaToday caption
أصبح الحشد الشعبي حرس مستوطنة الدولة السوداء، ولكنه تجاوز اليوم المرحلة الأولى من وجوده لينتقل إلى مرحلة تبلور هويته الحقيقية بوصفه جيش ولاية الفقيه
posted onJanuary 17, 2019
noyorum

د. باهرة الشيخلي

أعادت تصريحات النائبة عن ائتلاف دولة القانون في العراق، عالية نصيف، التي اتهمت فيها أهالي الموصل علانية بالتعاون مع تنظيم داعش الإرهابي، إلى الواجهة ما تعانيه الموصل من استهداف متكرر وتجاوزات ميليشيات الحشد الطائفي وانتهاكها لحقوق الإنسان في المدينة، التي لقيت الأذى والتدمير والذبح من تنظيم داعش، ثم من تلك الميليشيات بعد تحريرها من احتلال داعش. قالت نصيف إن أهالي الموصل، الذين بقوا في المدينة بعد احتلالها من تنظيم داعش عام 2014 شركاء مع التنظيم.

وبالمقابل اعتبر خبراء أن تصريحات نصيف هي بداية حملة شعواء يقودها ائتلاف نوري المالكي للإساءة إلى طائفة بعينها وللإيقاع بالمدن المستعادة من جديد، وتحقيق أغراض إيرانية، وهو ما يتوازى مع تدريب عصابات إرهابية جديدة لخلافة داعش، ما يؤكد أن هناك خطة إيرانية تتبناها طهران وأتباع نوري المالكي للإيقاع بالمدن التي شهدت انتفاضات شعبية من جديد بحجة داعش، من خلال ترويج أن أهلها تعاونوا مع التنظيم الإرهابي خلال سيطرته على المدينة.

والواقع أن الأعمال الإرهابية ضد مدينة الموصل لم تتوقف، بل تزداد يوما بعد يوم، ولم تتوقف ضدها تجاوزات الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران، فالفرق الميليشياوية المهيمنة على المدينة وضواحيها هي كتائب الإمام علي وجند الإمام والحمزة سيد الشهداء ومنظمة بدر وعصائب الحق وحزب الله، ويعدّ فصيل الحمزة سيد الشهداء بإمرة أبوآلاء مسؤولا عن الجانب الأمني في المدينة.

وفضلا عن تلك الفرق الميليشياوية الشيعية، هناك الحشد المسيحي بإمرة ريان الكلداني، الذي يسيطر على سهل نينوى، إلى جانب الحشد اليزيدي الذي يتعاون مع الميليشيات في السيطرة على قضاء سنجار، وهناك الحشد التركماني المنتشر في القرى المحيطة بالمدينة وقضاء تلعفر، فيما يقع الجانب الأيمن من المدينة، تحت هيمنة عصائب أهل الحق وسيطرتها، ومازالت الكثير من البنى التحتية فيه متروكة وتحت التدمير، إلى الآن.

بدأت تصرفات هذه الميليشيات تتدخل في الحياة اليومية لأبناء المدينة المنكوبة بإبادة جانبها الأيمن، وتعتقل هذه الميليشيات كل من لا يستجيب لها وهي تتدخل في عمليات البيع والشراء للأراضي والعقارات.

منذ انبثاق ظاهرة الحشد الشعبي “المقدس” أثبتت الوقائع والأيام أن هذه الميليشيات، التي استولدتها مرجعيات الدين السياسي، وطبقا لصنوف الانتهاكات التي ارتكبتها، أكدت أنها ليست أكثر من أداة بيد أحزاب المستوطنة السوداء، وأن كل ما جرى ويجري من جرائم في نينوى إنما يتم بتوجيه من غرفة العمليات المشتركة المركزية وإدارتها وبرعاية وإشراف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وزعيم منظمة بدر هادي العامري، وأبومهدي المهندس، الذي اختير نائبا لقائد هيئة الحشد الشعبي بعد تشكلها.

وأصبح الحشد الشعبي حرس مستوطنة الدولة السوداء، ولكنه تجاوز اليوم المرحلة الأولى من وجوده لينتقل إلى مرحلة تبلور هويته الحقيقية بوصفه جيش ولاية الفقيه، الذي يقاتل بالوكالة، ويسعى في هذه المرحلة إلى تنفيذ ما بقي من خارطة الأهداف الإيرانية في العراق.

فعقب تجريف مدينة الموصل حان الوقت لتصفية مواطني المدينة والمدن الأخرى، فتوزعت المهمات القذرة على فصائل الحشد الأخرى تحت عباءة اليزيدي والمسيحي، وكلا الطرفين بريء مما جرى ويجري باسمهما.

وظلت مجموعة من شخصيات مدينة الموصل توجه النداء تلو النداء، مناشدة وقف تجاوزات الميليشيات، ومحذرة من أن عدم معالجة ما يحدث في محافظة نينوى سيؤدي إلى “مأساة كبيرة ومخيفة جدا”، لكن نداءاتها ذهبت أدراج الرياح. وسيطرت الميليشيات المسلّحة المرتبطة بإيران على أملاك الوقف “المسيحي” في سهل نينوى وبدات تزرع الأراضي عنوة، وتبتز الفلاحين الموجودين في تلك المناطق وتعتقل من يرفض طلباتها، وترغم سائقي الشاحنات الذين يريدون دخول الموصل بحمولاتهم على دفع مبالغ مالية طائلة، وويل لمن لا يستجيب لتلك الطلبات فتهمة الانتماء لداعش ستكون بانتظاره.

الخطر الحقيقي في العراق هو الحشد الشعبي، الذي نزع الرؤوس وخرّب المدن تحت ذريعة الإرهاب، مما دفع تشكيلا عراقيا انطلق الأسبوع الماضي، تحت عنوان “المجلس الأعلى لتحرير العراق”، إلى أن يجعل أول أهدافه “حل جميع الميليشيات ووقف نشاطها التخريبي واعتبار أعضائها خونة للوطن والشعب إلا من استدرك وانضم للثورة الشعبية”.

كاتبة عراقية