Ana içeriğe atla

لا تظلموا البهائيين

المركز البهائية
AvaToday caption
المركز العالمي للديانة البهائية بحيفا (إسرائيل) والذي يتم إتهام البهائيين بأنهم عملاء لإسرائيل بسببه تم إنشاؤه في في الخمسينات والستينات من القرن التاسع عشر أي قبل إنشاء دولة إسرائيل الحديثة بحوالى مائة عام
posted onJanuary 7, 2022
noyorum

د. توفيق حميد

عادت قضية البهائيين للأذهان من جديد وذلك بعد أن رفض بعض المسؤولين في مصر إلزام محافظة الإسكندرية بتخصيص أراض تستخدم كمقابر لغير أتباع الأديان الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية.

وذلك ببساطة شديدة يعني أنك إن كنت مصرياً ولكن تؤمن بالديانة البهائية (أي أنك من الفئة الرابعة!) فإنك ستجد صعوبات شديدة في أبسط حقوق الإنسانية وأبسط مبادئ الرحمة ألا وهو أن تدفن أباك أو أمك وتواريهما التراب يوم موتهما.

الأمر هنا لا يحتاج إلى قانون أو حتى إلى دستور بل يحتاج إلى ضمير ورحمة وإنسانية خلقها الله في أعماقنا وهي إجلال الموت والرحمة بأهل المتوفى في لحظات الفراق.

ولنا في هذه اللحظات أن نتصور لوهلة لو أن أهل الديانات الأخرى أو شعوب الدول الأخرى عاملت المسلمين بنفس المبدأ فرفضت إعطاء الحق لهم بدفن موتاهم بحجة أنهم لا يؤمنوا بديانة الأغلبية! كيف كنا سنصف هذه الديانة أو ماذا كنا سنقول عن هذه الدولة والتي تترك واحدا من مواطنيها وأبنائها يبكي موت ابنه أو ابنته لأنه يجد معوقات قانونية في أن يواري جثمانه أو جثمانها التراب!

 ألهذا الحد فقدت الإنسانية معناها عند البعض! ألهذا الحد مات الضمير! ألهذا الحد قست القلوب فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة!

وتحضرني في هذه اللحظات كلمات الله عز وجل في كتابه الكريم " ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (سورة البقرة آية 74).

والغريب أن الموقف العدائي من البهائيين تم نسجه لدرجة ما لأن المركز العالمي للديانة البهائية هو في حيفا بإسرائيل مما دعا الرئيس السابق عبد الناصر إلى إغلاق محافل البهائيين وأماكن عبادتهم  بحجة أنهم جواسيس لإسرائيل ومما دعا أيضاً مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إلى الحكم على أتباع الطائفة البهائية بأنهم "كفار لا علاقة لهم مطلقا بالأديان السماوية من قريب أو بعيد"، مؤكدا أنها "حركة صهيونية تهدف لنشر الرذيلة في العالم، وخاصة في البلدان الإسلامية".

هكذا وبدون أي دليل يتم وصف البهائية بأنها تابعة لإسرائيل  وبأنها تهدف لنشر الرذيلة في العالم!

وأعجب ما في الأمر أن المركز العالمي للديانة البهائية بحيفا (إسرائيل) والذي يتم إتهام البهائيين بأنهم عملاء لإسرائيل بسببه تم إنشاؤه في في الخمسينات والستينات من القرن التاسع عشر أي قبل إنشاء دولة إسرائيل الحديثة بحوالى مائة عام وذلك لأن مؤسس الديانة البهائية هاجر إلى حيفا في القرن التاسع عشرلا أكثر من ذلك ولا أقل!    

ووسط هذا الظلام والظلم في معاملة غيرنا من البشر في لحظة موت أحبائهم أود أن أذكر أن الدستور المصري نص صراحة على حظر التمييز، وتكافؤ الفرص بين المصريين على أساس المواطنة، وبهذا يُصبح حق البهائيين تخصيص أراضي قبور لدفن موتاهم  وبناء دور عبادة هو حق دستوري لهم.

ومن الكلمات التاريخية ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي ذات يوم وفي منتدى شباب العالم بمصر فقال بالحرف الواحد دعماً لمبدأ المواطنة أنه "لا تمييز بين رجل  وامرأة ولا تمييز بين دين ودين، الكل سواء، لو احنا عندنا في مصر ديانات أخرى سنبني لهم دور عبادة، ولو في يهود سنبني لهم، ولو في ديانات أخرى هنعمل، لإن ده حق المواطن، يعبد كما يشاء، وبالمناسبة يعبد أو لا يعبد ده موضوع لا نتدخل فيه".

فهل آن الأوان للمسؤولين الذين يتعصبون ضد الأقلية البهائية من أبناء مصر أن ينتهوا عن ظلمهم واستضعافهم لمصريين مسالمين لا لشيء ولكن لأنهم مختلفون عنهم في العقيدة! وهل آن لهم أن يعملوا بنص الدستور المصري في إرساء مبدأ المواطنة! وهل  آن لهؤلاء المسؤولين أن يقتدوا بالقيم التي قالها الرئيس السيسي - بوضوح- أعلاه حول مبدأ المواطنة!

وهل آن لهم أن يكفوا عن إستضعاف البشر وظلمهم حتى لا يتحدوا واحداً من أهم المبادئ في القرآن ألا وهو تحريم الظلم وتجريمه وتوعد مرتكبيه بالعذاب كما جاء في  قوله تعالى "ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا" وكما قال أيضاً " وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ (أي الظالمون) فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً".

 فكفاكم ظلماً للبهائيين!