يحيى التليدي
قدّم النظام الإيراني نموذجاً خطيراً لا على الشعب الإيراني فحسب، بل على كل الدول المجاورة وعلى العالم بأسره، بتعامله غير المسؤول مع وباء كورونا، وبالتالي أصبحت إيران واحدة من أخطر البؤر التي تحتضن وتنشر هذا الفيروس، حيث بلغ إجمالي الإصابات 87026 حالة، وقضى الوباء على نحو 5481 شخصاً حتى لحظة كتابة هذا المقال.
على الرغم من الوضع المأساوي في إيران التي مزقها فيروس كورونا في الشهور الأخيرة بعد انتشاره على نطاق واسع، فإن عدوان إيران وتدخلاتها الإرهابية في المنطقة لم تتوقف على عكس ما توقع البعض، بل إنه تزايد وتفاقم خطره. في العراق لا يزال استهداف عملاء إيران للقوت الأمريكية مستمر، وفي اليمن حيث يواصل الحوثيون تحديهم لدعوات وقف إطلاق النار، وإلى سوريا أرسلت طهران إمدادات عسكرية لمليشياتها هناك وأعقبها زيارة لوزير خارجية إيران جواد ظريف، للاطمئنان على نفوذها ومليشياتها هناك. وفي مياه الخليج العربي اقتربت زوارق الحرس الثوري الإيراني بشكل خطير ومستفز من سفن تابعة للبحرية الأمريكية.
ذلك الأمر يجعلنا نتساءل لماذا لم يكن لأزمة كورونا على الرغم من فداحتها وقسوتها بالنسبة إلى الإيرانيين تأثير على العدوان والإرهاب الإيراني، ولم توقف أو حتى تقلل من هذا العدوان؟!
الحقيقة أن دعم إيران للإرهاب والجماعات الإرهابية والعمل على تقويض أمن واستقرار المنطقة هي استراتيجية إيرانية ثابتة لتحقيق أهدافها من خلال مشروعها التوسعي في المنطقة. وهناك سبب آخر. النظام الإيراني يسعى إلى أن يمارس الضغوط على أمل أن تقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي برفع أو تخفيف العقوبات القاسية المفروضة عليه. والنظام يتصور أن الضغوط التي يمارسها عن طريق تصعيد عملياته الإرهابية والأدوار التي تقوم بها مليشياته في المنطقة هي أداة فاعلة لتحقيق هذا الهدف، أي لممارسة هذا الضغط من أجل رفع العقوبات.
إذا كان النظام الإيراني يؤمن بأن استمراره في مشروعه الثوري التوسعي هو أساس لبقائه في السلطة، فإنه من الخطأ الاعتقاد أن الظروف القاسية التي تمر بها إيران، وآخرها مأساة انتشار كورونا، سوف تدفع النظام إلى تغيير سياساته العدوانية ووقف دعمه للإرهاب والجماعات الإرهابية. بل إن النظام يعتقد أن حاجته إلى هذه الاستراتيجية وإلى هذا الدور الإرهابي هي اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
لن تتخلى إيران عن مشروعها التوسعي ودورها الإرهابي التخريبي الذي تمارسه في العالم العربي وعن القوى والمليشيات الإرهابية، إلا إذا تعرض النظام الإيراني لأزمة أكثر قسوة، وقد لا يحدث في الحقيقة إلا إذا انهار النظام.