ربطت أوساط سياسية بين الحملة التي شنتها السلطات الأمنية التركية على الأجانب وخاصة من الجنسية السورية والعراقية بتجنيد المقاتلين التركمان المقيمين في تركيا من أصل سوري وعراقي للقتال في ليبيا.
واعتبرت الأوساط أن هذه الحملة تستهدف بالأساس ترهيب المقاتلين التركمان الذين تجد صعوبات في إقناعهم بالمشاركة في حرب لا تخصهم، لاسيما بعد ما فشلت سياسة الترغيب التي انتهجتها في تجنيد العدد الذي تحتاجه لهذه المهمة.
واستغلت أنقرة احتفالات رأس السنة لتبرير تلك الحملة التي استهدفت مئة شخص بدقة أثارت الكثير من التساؤلات ما يعزز الشكوك بأنها حملة تصفية حسابات ضد الرافضين التوجه للقتال في ليبيا، في رسالة واضحة لهم مفادها إما القتال لصالح الأجندة التركية وإما المحاكمة بتهمة الانضمام إلى تنظيم داعش، وهو التنظيم الذي كشفت تقارير استخباراتية مؤخرا علاقته الوثيقة بأنقرة.
ونقلت وكالة “الأناضول” التركية للأنباء عن مصادر أمنية القول إن الاعتقالات جرت خلال مداهمات قامت بها قوات الأمن العام وفرق مكافحة الإرهاب في محافظات أنقرة وقيصري وباطمان وصامسون وأضنة وبورصة وشملت العشرات من العراقيين والسوريين.
وذكرت الوكالة أن قوات الأمن التركية عثرت في منازل المشتبه بهم على أسلحة وذخائر ووثائق تنظيمية.
ورغم تواتر الأنباء عن وصول مقاتلين مما يسمى بـ”لواء السلطان مراد” إلى ليبيا وبدئهم القتال إلى صفوف ميليشيات مصراتة في طرابلس، إلا أن أنقرة لجأت إلى سياسة التخويف والترهيب ما يعني أنها ما زالت أمام تحدي تجنيد التركمان للانضمام إلى معركتها في ليبيا عن طريق الإغراءات المادية والامتيازات.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر تركية الاثنين أن أنقرة تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا في إطار دعمها العسكري لحكومة طرابلس، وهو موقف وصفه مراقبون بأنه اعتراف متأخر بهدف تطويق الضجة الواسعة التي فضحت خطط تركيا في ليبيا.
وكان رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد الأحد، وصول 300 مقاتل سوري موال لتركيا إلى ليبيا للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق التي ينحدر أغلبها من مدينة مصراتة.
ووثّقت تقارير إعلامية انتهاك “لواء السلطان مراد” لحقوق الأسرى من الجيش الليبي، وذلك إثر الممارسات التي اقترفها بحقّهم، من دون مراعاة لأيّ حقوق أو ضوابط.
والأسبوع الماضي، أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات اعتبرها مراقبون موجهة للمقاتلين التركمان عندما قال إن تركيا لديها مليون تركي في ليبيا في سعي لتبرير تدخله العسكري.
وقال أردوغان إن مصطفى كمال "كان يكافح على الجبهات في ليبيا.. هذا مؤشر واضح على وجوب تواجدنا في ليبيا التي يوجد فيها مليون تركي".
ولاقى التصريح دعما من قبل بعض الليبيين خاصة المنحدرين من مدينة مصراتة.
وأكد رجل الأعمال الليبي حسني بي على صفحته في موقع فيسبوك أنه "ليبي من جذور تركمانية نعم.. نعم أنا من ضمن مليون من الجذور تركمانية، ونمثل 20 بالمئة من ليبيا أو أكثر".
ويقول مراقبون إن تركيا تراهن في البداية على إرسال المقاتلين التركمان لاستطلاع الأوضاع وترتيب الأمور قبل وصول القوات التركية مطلع العام المقبل.
وبالإضافة إلى قدراتهم العسكرية وتدريبهم على حرب الشوارع تعول أنقرة على التركمان الذين يجيدون اللغتين التركية والعربية ليكونوا حلقة ربط بين الليبيين والأتراك على أرض المعركة.
وتأتي هذه التحركات بينما تضع تركيا اللمسات الأخيرة لإرسال جنودها إلى ليبيا.
ودعا رئيس البرلمان التركي الاثنين، مصطفى شنطوب، الجمعية العامة للبرلمان إلى عقد اجتماع طارئ في الثاني من يناير لمناقشة مذكرة رئاسية حول تفويض إرسال قوات إلى ليبيا.
ولفت شنطوب في نص الدعوة التي وجهها إلى النواب، إلى تلقي رئاسة البرلمان مذكرة من رئاسة الجمهورية من أجل التفويض بإرسال قوات إلى ليبيا.
وقالت مصادر في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، السبت، إن مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا قد تتم مناقشتها في البرلمان، الخميس، في ضوء طلب طرابلس الدعم العسكري رسميا، والتطورات في المنطقة.
ومن المتوقع تمرير المذكرة نظرا لأن حزب العدالة والتنمية المنتمي إليه الرئيس رجب طيب أردوغان يتمتع بأغلبية في البرلمان إلى جانب حليفه اليميني المتطرف “حزب الحركة القومية”.
وقال نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض إنهم سوف يعارضون المذكرة، بعد اجتماع الاثنين مع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو.