Skip to main content

سنوات الأزدهار الميليشيات في العراق تتجه نحو النهاية

ميليشيات عراقية
AvaToday caption
تتعدّد التشكيات من سلوكات عناصر الحشد في تلك المناطق ويتّهمها سكان محليون بالانخراط في أعمال غير مشروعة لجمع الأموال والاستيلاء على الممتلكات، إضافة إلى ممارسة سلوكات طائفية
posted onApril 17, 2019
nocomment

تجد الميليشيات الشيعية في العراق نفسها تحت ضغط غير مسبوق بعد سنوات من النمو والازدهار والبحبوحة المادية وحرية الحركة، وهي جميعها عوامل جعلت منها سلطة موازية لسلطة الدولة، وحوّلت سلاحها إلى أداة ضغط على سياساتها، وجعلت من كبار قادتها متحكّمين إلى حدّ بعيد في صناعة القرار السياسي وتوجيهه.

وأصبحت تلك الميليشيات اليوم في مرمى الانتقادات والتشكيات من سلوكاتها ومن سلبية دورها في المناطق التي تسيطر عليها، ومما تمثّله من عائق في وجه إعادة ترميم الدولة العراقية وتوحيد السلاح فيها وضبطه.

وساهم في إعادة تسليط الأضواء على الميليشيات في العراق، القرار الأميركي الأخير بتصنيف الحرس الثوري الإيراني الذي تجمعه أصلا علاقة وثيقة بتلك الميليشيات، يسهر على تأمينها الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي ساهم عمليا في تأطير الميليشيات وتنظيم عملياتها على الأرض خلال مشاركتها في الحرب ضدّ تنظيم داعش ضمن ما يعرف في العراق بالحشد الشعبي، الهيكل الأمني الذي تشكّل بناء على فتوى دينية من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لمواجهة زحف التنظيم على مناطق العراق في ظلّ حالة من شبه الانهيار للقوات المسلّحة العراقية.

وتصدر الانتقادات للحشد الشعبي اليوم، والمطالبات بحلّه من داخل العراق وخارجه.

وحث القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى العراق جوي هود، حكومة بغداد على سحب الفصائل المسلّحة غير الخاضعة لسلطة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي من المناطق المستعادة من تنظيم داعش.

ورغم نهاية الحرب على التنظيم فقد حرص قادة الحشد الشعبي على الإبقاء على قواتهم في المناطق المستعادة في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى، فضلا عن سيطرة الحشد الكاملة على منطقة جرف الصخر في محافظة بابل جنوبي العاصمة بغداد.

وتتعدّد التشكيات من سلوكات عناصر الحشد في تلك المناطق ويتّهمها سكان محليون بالانخراط في أعمال غير مشروعة لجمع الأموال والاستيلاء على الممتلكات، إضافة إلى ممارسة سلوكات طائفية، وتعدّيات على أجهزة الدولة بما في ذلك الأجهزة الأمنية.

وقال هود في تصريح تلفزي إنّ “المسألة الأساسية هي إخراج كل الفاعلين المسلحين غير الخاضعين لسلطة القائد العام للقوات المسلحة من هذه المناطق كي يتسنى لأفراد الشرطة المحلية الذين يتم تجنيدهم من بين السكان المحليين توفير الأمن والتصدي لأي تهديدات محتملة”.

وأضاف أن “وجود الفاعلين الذين لا يخضعون لسيطرة الحكومة الكاملة ينشر المخاوف بين الكثير من النازحين ويثنيهم عن العودة إلى ديارهم وهذا وضع يصعّب عمليات نزع الألغام وتنفيذ مشاريع تثبيت الاستقرار ومن ثم عودة النازحين إلى بيوتهم في نهاية المطاف”.

وانتقاد القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى العراق، لمن سمّاهم “الفاعلين المسلحين غير الخاضعين لسلطة القائد العام للقوات المسلحة” جزء من الانتباهة الأميركية للميليشيات ودورها في العراق، الأمر الذي لا يستبعد أن ينتهي في آخر المطاف إلى تصنيف الحشد الشعبي ككلّ تنظيما إرهابيا ومطالبة الحكومة العراقية بحلّه، خصوصا وأن واشنطن سبق لها أن وضعت ميليشيا النجباء ذات الصلة الوثيقة بحزب الله اللبناني وبالحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب.

وفي أولى ردود الفعل على الدبلوماسي الأميركي، تحرّكت الجهات المساندة للحشد تحت قبّة البرلمان العراقي مطالبة حكومة عادل عبدالمهدي بتقييد حركة جوي هود في البلاد.

وقال مهدي تقي العضو عن تحالف البناء “إنّ زيارة هود إلى منطقة عامرية الفلوجة تهدف إلى شراء ذمم بعض وجهاء العشائر لتحقيق بقاء قوات بلاده القتالية في العراق”.

وأضاف أنّ “لجنة الأمن والدفاع النيابية عازمة على جمع التواقيع لاستضافة وزير الخارجية محمد علي الحكيم لمناقشة أسباب تلك التحركات وإلزامه باتخاذ موقف شجاع تجاه القوات الأميركية المتواجدة بشكل غير شرعي”.

ومن أحدث منتقدي الحشد الشعبي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي انتقد مشاركة الحشد (دون أن يسمّيه) في إغاثة المتضرّرين من الفيضانات الأخيرة في العراق وفي إيران المجاورة.

وقال زعيم التيار الصدري في تغريدة على تويتر “من يقع على عاتقه مساعدة المناطق المتضررة وإغاثة الأهالي، جهتان لا غيرهما، وهما: إما الجيش العراقي وإما لجان شعبية تتكافل في ما بينها كل حسب منطقته”.

وكان السياسي العراقي إياد علاوي أكثر صراحة في مطالبته بحلّ الحشد الشعبي معتبرا ذلك شرطا للوصول إلى بناء الدولة المدنية.

وتقول أوساط عراقية إنّ تركيبة الحشد الشعبي ومواقف قادته وسلوكات أفراده وتشابكاته الإقليمية، جميعها عوامل تتيح للولايات المتحدة تصنيفه على لوائح الإرهاب على غرار الحرس الثوري الإيراني، لكنّ واشنطن قد تحجم عن ذلك لتجنيب حكومة بغداد مأزقا جديدا لا يقلّ عن مأزق العقوبات الشديدة المفروضة على إيران والتي تجد الحكومة العراقية صعوبة في التعاطي معها ومواجهة تبعاتها، على أن تحتفظ بالأمر ورقة ضغط ومساومة على بقاء قواتها في العراق، إذّ أنّ الحشد وقادته وكتلته في البرلمان لطالما لوّحوا بورقة إخراج تلك القوات عبر تشريع يسنّ في مجلس النواب.