تعد منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، محور اهتمام إيران في خطتها الرامية إلى زعزعة استقرار المنطقة بهدف فرض نفوذها عليها، ويعد اليمن المدخل الأهم إلى هذه المنطقة، لأسباب عدة؛ منها صعوبة اختراق منطقة الخليج من الشرق المجاور لإيران، وذلك للأهمية الجيوسياسية والاقتصادية العالمية للمنطقة، وأيضاً لتمتع هذه المنطقة بقدر كبير من الاستقرار مما يصعب معه التغلغل والتخفي داخلها، على عكس الوضع في اليمن الذي يشهد منذ فترة ليست بالقصيرة اضطرابات سياسية واختلالات أمنية؛ خصوصاً بعد عام 2011، لذلك فإن إيران، ولاعتبارات آيديولوجية وسياسية، ركزت على اختراق اليمن؛ من هذه الاعتبارات الضغط على الدول الخليجية؛ خصوصاً المملكة العربية السعودية التي تعدّها طهران المنافس الأول والأقوى لها في المنطقة، وذلك في إطار محاولاتها المتكررة منذ أيام الشاه لفرض النفوذ والسيطرة في هذه المنطقة. كما أن من هذه الاعتبارات السياسية الضغط على الغرب؛ خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، عبر وضع إيران أقدامها على الساحل الشرقي لمضيق باب المندب عن طريق وكلائها الحوثيين، وعلى الساحل الغربي من خلال اتفاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مع بعض دول شرق أفريقيا.
تعمل إيران على تحويل الجماعات المتقاربة معها عقدياً إلى جماعات تابعة لنظرية ولاية الفقيه، وبالتالي تابعة بالكلية لأهداف الدولة الإيرانية، فينتج عن ذلك استتباع بالكامل للدولة المستهدفة، فاستغلت إيران الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة عام 2011 لتوسيع الدور الإيراني في اليمن الذي كان بدأ قبل ذلك، فوفرت للحوثيين الدعم العسكري بالسلاح والخبرات العسكرية والتدريب، هذا الدعم بلغ أعلى مستوى له مع استعداد الميليشيات الحوثية للانقلاب على الرئيس والحكومة الشرعية في سبتمبر (أيلول) عام 2014، وانطلقت السفن من الموانئ الإيرانية إلى الموانئ التي يسيطر على الحوثيون محملة بالأسلحة والذخائر، ففي يناير (كانون الثاني) 2013 ضبطت البحرية الأميركية وقوات خفر السواحل اليمنية السفينة الإيرانية «جيهان1» التي كانت تحمل على متنها شحنة هائلة من الأسلحة والذخائر والأجهزة العسكرية عالية الدقة والمتفجرات؛ ضمت صواريخ «كاتيوشا إم122» وصواريخ «ستريلا1» و«ستريلا2» أرض – جو، التي تعمل بتقنية التتبع الحراري، والتي تستطيع استهداف الطائرات الحربية المتطورة، وقاذفات «آر بي جي7»، وأنظمة رؤية ليلية «بي إن وان 4 كيه»، وأجهزة تقنية عسكرية، وأنظمة مدفعية «جي9»، وطنين من مواد شديدة الانفجار، وكبسولات ودوائر كهربائية، وأجهزة تحكم عن بعد.
كما ضبطت البحرية الأسترالية في فبراير (شباط) 2016 قارباً كان يحمل أسلحة إيرانية مهربة إلى الحوثيين، شملت مائتي بندقية «كلاشنيكوف»، ومائة قذيفة.. وأسلحة أخرى.
كما زودت طهران الميليشيات الحوثية بعدد كبير من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى إيرانية الصنع، التي استخدمت لقصف الأماكن المقدسة في مكة المكرمة، وقد استهدفت الميليشيات الحوثية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017 مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية الرياض بهجوم صاروخي باليستي، كما تم تهريب شحنة من الدبابات إلى الحوثيين عبر أحد الموانئ، كذلك زودتهم طهران بطائرات من دون طيار في محاولة لاستهداف مواقع الدفاع الجوي السعودية على الحدود الجنوبية، وكذلك لاستهداف مواقع الحكومة الشرعية في اليمن... كل ذلك بدعم من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس» وميليشيات شيعية أفغانية و«حزب الله» الذين يقومون بمهمات التدريب وتطوير الأسلحة الموجودة بحوزة الحوثيين وتقديم الاستشارات العسكرية.
كل هذا الدعم شجع الميليشيات الحوثية على مواصلة الانقلاب على الحكومة الشرعية ورفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ وإن جلست فلكسب الوقت ريثما تتغير المعادلات على أرض الواقع لصالحهم.