Skip to main content

فرنسا و إيران؛ مواجهة مفتوحة لاجتثاث إرهاب طهران

فرنسا تجتث إرهاب إيران
AvaToday caption
انتهاك النظام الإيراني لسيادة باريس وتهديد إيران بإعادة إطلاق برنامجها الباليستي بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي
posted onDecember 23, 2018
nocomment

شهد عام 2018 في فرنسا تحولا نوعيا في سياستها لمحاربة الإرهاب، فبعد أن كانت تواجه مخططات الجماعات المتطرفة طورت من استراتيجيتها لمواجهة إرهاب الدول وتحديدا إيران.

وحققت فرنسا خطوة مهمة لاجتثاث الإرهاب الإيراني بعدما تعرضت لهجوم دبره نظام طهران استهدف تجمعا لمؤتمر المعارضة الإيرانية قرب باريس.

المؤامرة الإيرانية الفاشلة تسببت في توترات بين باريس وطهران، انعكست على موقف فرنسا من الاتفاق النووي الإيراني، حيث كانت تتحرك لإنقاذه بعد انسحاب الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي.

وعبر حزمة خطوات على رأسها طرد دبلوماسي إيراني، وضبط شبكة إرهابية تابعة للحرس الثوري الإرهابي، وإغلاق مركز ثقافي يتبعه، بدت باريس عازمة على تعزيز قدرتها في التصدي لإرهاب نظام طهران في أوروبا.

وجاءت تلك الإجراءات بعد استهداف النظام الإيراني تجمعاً للمؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية "مجاهدي خلق" والذي عقد في باريس نهاية يونيو/حزيران الماضي، وأحبطت السلطات الفرنسية ذلك الهجوم بالتعاون مع أجهزة مخابرات أوروبية، حيث اعتقلت السلطات البلجيكية شخصين من أصل إيراني يشتبه في تخطيطهما للهجوم، وكان بحوزتهما 500 جرام من بيروكسيد الأسيتون، وهي مادة متفجرة يمكن صنعها منزليا من كيماويات متاحة، كما عثرت أيضاً على جهاز تفجير في سيارتهما.

نجاح السلطات الفرنسية والبلجيكية في إجهاض المخططات الإرهابية جاء متزامنا مع قيام الأجهزة الأمنية في وألمانيا والنمسا والدنمارك بخطوات متشابهة للإحباط مخططات اغتيال عناصر من المعارضة الإيرانية في عواصمها.

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية أشارت في وقت سابق إلى أن باريس اتخذت خطوات جريئة وضرورية لاقتلاع إرهاب طهران من البلاد، وذلك بإصدار قرار تجميد أصول عملاء من الاستخبارات الإيرانية، وإغلاق مركز "الزهراء" المقرب من إيران الذي يدعم مليشيا حزب الله الإرهابية إعلاميا.

مصادر دبلوماسية وأمنية فرنسية، كشفت لوكالة "رويترز" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن أن "باريس طردت دبلوماسيًّا إيرانيًّا سراً؛ ردًّا على مؤامرة فاشلة لتنفيذ هجوم بقنبلة استهدف تجمعًا للمعارضة الإيرانية في مدينة فيلبينت قرب باريس نهاية يونيو/حزيران الماضي".

وذكرت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية، أنه "في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وبعد التأكد من ضلوع المخابرات الإيرانية في الترتيب لهجوم إرهابي على الأراضي الفرنسية، اتهمت باريس رسمياً طهران بتدبير الهجوم".

وأضافت أن "باريس اتخذت خطوة طرد الدبلوماسي الإيراني الذي كان يقيم في العاصمة باريس، فيما أكد مصدران أن الدبلوماسي كان عميلًا للمخابرات الإيرانية تحت غطاء رسمي".

ووفقاً لـ"رويترز" فإنها تأكدت من عملية الترحيل الدبلوماسي من 5 مصادر أمنية ودبلوماسية، مشيرة إلى أن المتحدث باسم السفارة الإيرانية في باريس نفى عملية طرد أي دبلوماسي.

ولا يزال منصب السفير الفرنسي في طهران شاغراً منذ يونيو/حزيران الماضي، كما تم تعليق عمل السفارة الفرنسية في إيران.

وذكرت مصادر دبلوماسية أن باريس لن تعيّن سفيراً لدى طهران حتى تحصل على إيضاحات بشأن الهجوم الإرهابي.

ووفقاً لمذكرة داخلية في وزارة الخارجية الفرنسية، كشفت عنها "رويترز" أغسطس/آب الماضي، وجهت فرنسا تحذيراً لدبلوماسيتيها من السفر إلى إيران.

وفي أغسطس/آب الماضي أيضاً، أعلنت شركات الطيران الفرنسية تعليق رحلاتها المتجهة إلى طهران.

سبقت المواجهة السياسية بين إيران وفرنسا، إجراءات أمنية رداً على انتهاك السيادة الفرنسية، منها تم تجميد الأصول المملوكة لمخابرات طهران وشخصيات إيرانية.

وفي 2 أكتوبر/تشرين الماضي، ذكرت محطة "إل سي إي" الفرنسية أن وزير الداخلية الفرنسية آنذاك، جيرار كولومب، ووزير الخارجية جون إيف لودريان، ووزير الاقتصاد برونو لومير، أعلنوا تجميد ممتلكات عدة شخصيات إيرانية بارزة، ضمن التحقيق في الهجوم الفاشل على مؤتمر تجمع المعارضة الإيرانية في "فيلبينت" يونيو/حزيران الماضي.

ووفقاً للمحطة الفرنسية، فإن من بين المتهمين الذين صُدِرَت ممتلكاتهم دبلوماسيين وعناصر من إدارة المخابرات الداخلية الإيرانية.

 

إرهاب الإيراني

 

وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت السلطات الفرنسية إغلاق مركز "جمعية الزهراء" التابع لإيران، لمدة 6 أشهر وتجميد أصوله بتهمة "نشر التطرف والإرهاب" في أوروبا.

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أشارت إلى أن "التقارب الأيديولوجي لذلك المركز الذي تأسس عام 2005 مع إيران، والترويج لـ(حزب الله) و(داعش) وتردد شخصيات مثيرة للجدل عليه، جعله محط أنظار أجهزة الأمن الفرنسية".

وأوضحت أن المركز يقع في إقليم "جراند سينت"، شمال فرنسا، ونشر على شبكة الإنترنت أنه تأسس تحت قيادة يحيى القواسمي، وجمال طاهري، وخالد عبدالكريم، إلا أن الوجه الحقيقي للمركز غير ذلك.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن "بداية أنشطة المركز كانت تنحصر في تجميع اقتباسات من القرآن وأشرطة الفيديو لرجال دين، إلا أنه كان يعمل أيضاً على الترويج للفكر الإيراني المتطرف، إذ تخطت أنشطته الفعاليات الدينية وأصبحت سياسية، وتعتمد على الدعاية لصالح النظام الإيراني، واعتمدت نشر مقالات تحريضية".

وتابعت أن "المركز، الذي بلغ عدد متابعي صفحته الرسمية أكثر من 300 ألف متابع، بمثابة أحد أقطاب النفوذ الإيراني في فرنسا"، كما وصفت مدير المركز يحيى القواسمي بـ"رجل خامنئي في باريس".

بدورها، قالت الشرطة الفرنسية في بيان، إن "أنشطة المركز المشبوهة والغامضة، والدعم الملحوظ لمديري المركز للتنظيمات الإرهابية، والحركات التي تتبنى أفكاراً تتنافى مع مبادئ الجمهورية أثارت انتباه السلطات، ما دفع إلى تعقبها منذ فترة لمراقبة نشاطهم حتى تأكدنا دعمهم للإرهاب.

بالتزامن مع التحركات السياسية الفرنسية، داهمت الشرطة منزل 12 شخصا على صلة بالمركز بينهم 3 من مديريه، لاتهامهم بـ"دعم المنظمات الإرهابية"، كما تم خلال عملية المداهمة العثور على أسلحة غير مرخصة.

ووضعت الشرطة أمين صندوق المركز ونجل مؤسسه قيد الاحتجاز، كما حددت لهما جلسة للمحاكمة في أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب قرار تجميد أصول المركز.

ورأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن عملية المداهمات للمركز بالتزامن مع تجميد أصول عملاء المخابرات الإيرانية في فرنسا لمدة 6 أشهر، تعد رسالة مفتوحة لإيران كرد على محاولة التعدي على الأراضي الفرنسية".

وحول دوافع باريس لاتخاذ تلك الإجراءات، كان إيف بونيه المدير السابق لجهاز استخبارات تابع للداخلية الفرنسية الذي يحمل اسم "إدارة مراقبة الأراضي"، حذر في وقت سابق من الإرهاب الإيراني، قائلاً إن "النظام الإيراني يمارس إرهاب دولة في أوروبا"، داعيا البلدان الأوروبية إلى إجراءات أكثر حزما ضد طهران والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني على غرار الولايات المتحدة الأمريكية.

وطرحت إذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية سؤالاً "لماذا يتصاعد التوتر بين باريس وطهران؟"، مستعرضة العديد من الأسباب، مثل انتهاك النظام الإيراني لسيادة باريس وتهديد إيران بإعادة إطلاق برنامجها الباليستي بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، إلى جانب حملات التحريض والتطرف التي تشنها أذرع النظام الإيراني في فرنسا عبر مراكزها الثقافية، وهو ما ترى فيه باريس تهديدا لقيمها العلمانية.

جملة هذه العوامل بتراكماتها، دفعت نحو مزيد من التوتر بين الجانبين، وهو جعل باريس تتخذ إجراءات صارمة ضد طهران، لتطهير البلاد من إرهاب طهران خلال عام 2018.