Skip to main content

وساطة إيرانية 'مسمومة' للنفاذ إلى الساحة الأفغانية

وفد طاليبان والحكومة الإيرانية
AvaToday caption
محاولات إيرانية مكثفة لاستمالة الحركة المتشددة لأهداف جيوسياسية من ضمنها التمدد والتواصل مع الأقلية الشيعية الأفغانية وأيضا مزاحمة واشنطن في فضاء مضطرب يشكل بيئة مناسبة للجانب الإيراني لممارسة ضغوط على الخصم الأميركي
posted onJanuary 31, 2021
nocomment

دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم الأحد إلى تشكيل حكومة أفغانية يشارك فيها جميع الأطراف وذلك خلال استقباله وفدا من حركة طالبان.

وتحاول إيران الدخول على خط الأزمة الأفغانية مقدمة نفسها لاعبا فاعلا بمقدوره دفع جهود السلام بينما عينها على إنهاء الوجود الأميركي في محيطها الجغرافي وأيضا ضمن جهود إيجاد موطئ قدم ثابت في أفغانستان بعد تسوية سياسية محتملة تعيد حركة طالبان إلى السلطة.

وسبق للولايات المتحدة أن اتهمت طهران بتمويل وتسليح طالبان وبإقامة صلات وثيقة مع القاعدة حليف الحركة الأفغانية المتشددة، لمهاجمة القوات الأميركية.

وتعتبر أفغانستان كذلك متنفسا حيويا لأزمة إيران الاقتصادية والمالية، حيث تنشط تجارة عملة على الحدود بين البلدين كانت ولاتزال مصدرا مهما ساعد طهران على مواجهة شح في الدولار والنقد الأجنبي عموما.

وتحصل أفغانستان على مساعدات مالية ضخمة بالعملة الصعبة بحكم وضعها المتأزم والدفع الدولي لمساعدة الحكومة الضعيفة ما جعلها مركز كبير لتدفقات العملة الصعبة استفادت منها إيران بشكل كبير.

ووصل وفد من الهيئة السياسية لطالبان برئاسة كبير مفاوضيها الملا عبدالغني بارادار، إلى إيران الثلاثاء بدعوة من الخارجية. وتأتي الزيارة بينما استؤنفت في الدوحة هذا الشهر مفاوضات سلام بين حكومة الرئيس أشرف غني والحركة تهدف إلى إنهاء نزاع مستمر منذ عقدين، وتحمّل فيه الحكومة الحركة المتشددة مسؤولية بطء تقدمها.

وعلى الرغم من الاختلاف العقائدي والمذهبي بين طالبان (سنّية متشددة) وإيران (إسلام سياسي شيعي)، ثمة تقارب لافت أو محاولات إيرانية مكثفة لاستمالة الحركة المتشددة لأهداف جيوسياسية من ضمنها التمدد والتواصل مع الأقلية الشيعية الأفغانية وأيضا مزاحمة واشنطن في فضاء مضطرب يشكل بيئة مناسبة للجانب الإيراني لممارسة ضغوط على الخصم الأميركي.

ولا يمكن أيضا تفسير محاولات التسلل الإيراني إلى الساحة الأفغانية بمعزل عن استقطاب شيعة أفغانستان في الوقت الذي تعتمد فيه إيران على ميليشيات شيعية متعددة الجنسيات بينها أفغان وباكستانيون، في تدخلها في الحرب السورية دعما للرئيس بشار الأسد.

وأفادت الخارجية الإيرانية أن ظريف أعرب خلال استقباله وفد طالبان عن تأييد فكرة تشكيل حكومة بمشاركة "كل المجموعات الإثنية والسياسية".

وقال "لا يمكن أن تتخذ القرارات السياسية في فراغ ويجب تشكيل حكومة شاملة بطريقة تعاونية، مع الأخذ في الاعتبار الهيئات والمؤسسات الأساسية والقوانين مثل الدستور"، وفق البيان.

وأعرب عن استعداد بلاده لتسهيل الحوار بين الحكومة وطالبان والأطراف الآخرين. وقال "شعب أفغانستان الطيب تعرض للظلم. الحرب واحتلال أفغانستان تسببا بضربات قاسية له"، مبديا للوفد أمله في أن "تتركز كل جهودكم نحو إنهاء ألم ومشاكل الشعب وأن يتم مع تحقيق السلام، وضع حد لأعذار المحتلين".

وسبق لإيران أن دعت لخروج القوات الأميركية من أفغانستان، جارتها الشرقية التي تتشارك وإياها حدودا يتجاوز طولها 900 كلم.

وحض الرئيس غني الجمعة الماضية الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن على الضغط على طالبان والتريث في سحب المزيد من القوات من بلاده، بعد أيام من إعلان الإدارة نيتها إعادة النظر بالاتفاق الذي أبرم في فبراير/شباط 2020 في الدوحة بين إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وطالبان و"تقييم" مدى احترام الحركة له.

وينص الاتفاق الذي لم تصادق عليه كابول واستبعدت الحكومة من المفاوضات بشأنه، على الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية وغالبيتها أميركية بحلول منتصف عام 2021، مقابل ضمانات مبهمة من طالبان بينها إجراء حوار داخلي والتعهد بعدم السماح للمجموعات "الإرهابية" بالتحرك في المناطق التي تسيطر عليها الحركة.

في المقابل، تبحث الحكومة وطالبان في التوصل إلى اتفاق بينهما، لكن الأولى تحمّل الثانية مسؤولية عدم تحقيق تقدم في المفاوضات التي بدأت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، واستؤنفت رسميا مطلع الشهر الحالي بعد توقف لأسابيع.

وقال المفاوض الحكومي محمد رسول طالب في تصريحات للصحافيين في الدوحة "منذ السادس من يناير/كانون الثاني، وفدنا موجود في الدوحة ومستعد لبدء المباحثات، لكن الطرف الآخر منشغل بالسفر إلى الخارج. نحن ننتظر بصبر في الدوحة لبدء المباحثات".

وشدد على أن المفاوضات "لم تبلغ مأزقا بعد، لكن ثمة توقف وسبب ذلك هو طالبان. الوفد (الحكومي) الأفغاني يدعوهم للعودة ونعتقد أنه لا يجب إضاعة الفرصة الراهنة لحل المشاكل".

وتحاول كابول الحصول على وقف دائم لإطلاق النار وإبقاء نظام الحكم القائم منذ إسقاط حكم طالبان في 2001 إثر حملة عسكرية قادتها الولايات المتحدة.

ورفضت طالبان تقديم تنازلات، بينما تشهد البلاد في الأشهر الماضية تصاعد العنف في كابول وولايات أفغانية. وشهدت العاصمة سلسلة عمليات اغتيال استهدفت شرطيين وإعلاميين وسياسيين وناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان.

ويتبنى تنظيم الدولة الإسلامية بعضا من هذه الهجمات، إلا أن كابول وواشنطن تنسبانها إلى طالبان.