Skip to main content

طهران تراقب عن كثب رفع الحظر عن السلاح

صواريخ طهران تهدد أستقرار المنطقة
AvaToday caption
أدّت العقوبات الأحادية الجانب إلى إرغام المصارف الروسية على التخلي حتى عن تلك المعاملات المالية التي تُبرم مع إيران بالروبل الروسي
posted onOctober 20, 2020
nocomment

فرزين نديمي

تستعد إيران لإعلان انتصار كبير من خلال الرفع التلقائي لقيود الأسلحة على البلاد في 18 أكتوبر بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231. وبالنظر إلى الاكتفاء الذاتي النسبي لإيران من ناحية إنتاجها العسكري، فمِن المرجّح أن توسّع البلاد عرضَها للمعدّات المصنوعة محليّا بوسائل مختلفة، مع التركيز على أسواق التصدير المحتملة في الوقت الحالي.

ويُظهر نزاع ناغورنو قره باغ لإيران مقدار ما تخسره أمام منافسين مثل تركيا، التي بلغت صادراتها الدفاعية الإجمالية 2.74 مليار دولار في عام 2019. ومع ذلك، فإن إحدى الميزات للصادرات الإيرانية هي تحررها من مشاكل الترخيص، في حين أن تركيا تعتمد ـ حتى الآن ـ على تقنيات ومكوّنات غربية معيّنة لتسهيل إنتاجها المحلي.

وتسعى إيران أيضا إلى مكافأة روسيا والصين على دعمهما السياسي من خلال المشاريع المشتركة المستقبلية وشراء الأسلحة والمكوّنات اللازمة لصناعة الأسلحة المحلية.

وفي السنوات الأخيرة، كانت لإيران تجارب متباينة مع أنظمة أسلحتها القائمة. وتضمّنت التجارب الإيجابية إتقانها لأنظمة "الاستهداف الدقيق"، وإجراءات سرية ضد شحن النفط، بما في ذلك تنفيذها هجوم على منشآت النفط الأكثر حيوية في المملكة العربية السعودية، ويمكن القول أيضا شنها ضربات صاروخية ضد القوات الأميركية في العراق. وتُركز العوامل السلبية على "الخطأ في تحديد الهوية" فيما يتعلق بطائرة ركاب مدنية وإسقاطها بعد إقلاعها باستعمال نظام صاروخي قصير المدى، والغرق العرضي لسفينة بحرية إيرانية بواسطة صاروخ مضاد للسفن خلال تدريب بالذخيرة الحية.

وفي أغسطس، سافر وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي إلى روسيا لحضور المنتدى العسكري ـ التقني الدولي "الجيش ـ 2020"، وهو حدث نظّمته وزارة الدفاع في الاتحاد الروسي، لعرض أحدث منتجات إيران الدفاعية، وتقييم أحدث المعدّات الروسية، واستكشاف إمكانية التعاون العسكري بين صناعات الأسلحة لكلا البلدين وتبادل التدريب كجزء من اتفاقياتهما السابقة. وقضى العميد حاتمي عدة أيام في اختبار أنظمة الأسلحة ذات الأهمية الخاصة، بما فيها نظام الدفاع الجوي بعيد المدى "Almaz-Antey S-400"، ونظام الدفاع الجوي المُحسّن قصير المدى "Pantsir-S2"، ودبابة القتال الرئيسية "T-90"، والطائرة المقاتلة البعيدة المدى والمتعددة المهام "Sukhoi Su-30" التي طال انتظارها.

وعلى الرغم من أن روسيا قد أعربت بالفعل عن استعدادها لبيع الأسلحة إلى إيران، بما في ذلك نظام "S-400" الذي تتفاخر به، فمِن المرجح أن تبدأ مبيعات الأسلحة بصفقة عسكرية أكثر رمزية ـ على سبيل المثال، اتفاق يتضمن دبابات وناقلات جنود مدرعة ـ بدلا من صفقة كبيرة تشمل طائرات مقاتلة حديثة أو نظام "S-400".

وفي الآونة الأخيرة، أدّت العقوبات الأحادية الجانب إلى إرغام المصارف الروسية على التخلي حتى عن تلك المعاملات المالية التي تُبرم مع إيران بالروبل الروسي. وبالتالي، ستبقى الخدمات المصرفية الوطنية والدولية حساسة للعقوبات الأميركية، على الرغم من أنّ صفقات المقايضة المتعلّقة بشحن النفط الخام الإيراني من خلال محطّة نفط "نيكا" بعد تحديثها والتي تقع على السواحل الجنوبية الشرقية لبحر قزوين، أو التي تنطوي على أساليب أخرى، ستظل خيارا لإيران لدفع ثمن الأسلحة التي تشتريها من روسيا.

وستكون روسيا أيضا حذرة من الاتفاقية التي أمدها خمسة وعشرون عاما بين إيران والصين، التي يتم وضع صيغتها النهائية، وكذلك ما قد يعنيه ذلك بالنسبة للتعاون العسكري الاستراتيجي ومبيعات الأسلحة. وفي الأسابيع الأخيرة، سافر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على عجل إلى كل من موسكو وبكين لحشد الدعم وإتمام اتفاقية تعاون طويلة الأمد.

إيران تستعرض عضلاتها في الخليج

تتمثل إحدى طرق الإعلان عن المنتجات العسكرية المنتَجة محليّا في إثباتها في الظروف التشغيلية. وقد احتفل "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني مؤخّرا بإضافة أسطول كبير من الطائرات بدون طيار المسلّحة والاستطلاعية إلى ترسانته. وسيسمح أسطول أكبر من الطائرات بدون طيار لـ "الحرس الثوري" الإيراني بمراقبة الأنشطة، والتي تشمل النقل البحري في مضيق هرمز وفي جميع أنحاء الخليج العربي، عبر مساحات أوسع من المياه في أي وقت ودون مشاركة مباشرة من الزوارق السريعة المأهولة. وتم تصميم بعض الطائرات بدون طيار لإطلاق القوارب واستعادتها على حد سواء، وإذا جرى تصميمها لتأدية المهام الانتحارية، فبإمكانها أن تشكّل تهديدا جديدا للشحن الدولي في المنطقة.

وكانت إيران أيضا تستعرض عضلاتها مؤخرا في الخليج العربي ومضيق هرمز، من خلال إجرائها مناورات بالذخيرة الحية في 5-6 أكتوبر و7 أكتوبر. وكان آخر تدريب تم الإعلان عنه هو سلسلة من التمارين البحرية في 10 سبتمبر والتي بدأت في الخليج العربي ـ وتحديدا المقتربات المؤدية إلى مضيق هرمز وخليج عُمان ـ وتضمنت ضرب أهداف عائمة بصواريخ مضادة للسفن، شملت صاروخ أطلق من غواصة في أعماق البحر.

يجب توقع استخدام "الحرس الثوري" طائرات بدون طيار بفعالية وقوة أكبر عبر منطقة الخليج العربي وبحر العرب. فطهران واثقة الآن بأن رادعها قادر على بدء أي مشروع في المنطقة دون التعرض لخطر الحرب.

كما ردّت إيران بغضب على اتفاقيتي السلام الإسرائيلية الأخيرة مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وحذر كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، بمن فيهم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري، هاتين الدولتين مرارا وتكرارا من دعوة أي وجود عسكري أو استخباراتي أو عملياتي أو إلكتروني إسرائيلي إلى منطقة الخليج، ووصف هذا الاحتمال بأنه سابقة خطيرة من شأنها أن تضع الدول المضيفة على قدم المساواة مع إسرائيل. ولسنوات، استخدمت إيران خطابا مشابها ضد الدول التي تستضيف قواعد عسكرية أميركية في المنطقة، إلا أنه سيُنظر إلى الرابط الأمني والدفاعي الخليجي الإسرائيلي على أنه تهديد مباشر لمفهوم إيران الراسخ عن "العمق الاستراتيجي" تجاه إسرائيل، وبالتالي سوف يقاوم.

ومن الناحية الفنية، يمكن لطائرة أو غواصة إسرائيلية عبور مضيق هرمز بأكمله في المياه العُمانية والاتجاه جنوبا نحو المياه الإماراتية دون أن تدخل المياه الإيرانية. لكن مثل هذا السيناريو سيكون اختبارا حقيقيا لتسامح إيران والتزامها المعلن بـ "حرية الملاحة" عبر المضائق الدولية.

حدود "الضغط الأقصى"

ستبقى منطقة الخليج العربي أيضا معيارا للعلاقات المتوتّرة بين الولايات المتحدة وإيران. وعلى الرغم من التعبيرات الرسمية الطنانة، إلا أن الاحتمال الكبير للتصعيد في الأشهر الأخيرة قد جعل كبار رجال الدين في نظام طهران قلقين للغاية، مما أرغم قائد "الحرس الثوري" الجنرال حسين سلامي على استبعاد أي احتمال من هذا القبيل، بفضل "الردع القوي" المكلف للغاية لـ "الحرس الثوري".

وفي غضون ذلك، أجرت الولايات المتحدة العديد من التدريبات الحازمة في الخليج العربي، مع تجنبها اتخاذ تدابير في أماكن أخرى يمكن أن توفر لإيران تبريرا فوريا للتصعيد العسكري. على سبيل المثال، امتنعت الولايات المتحدة حتى الآن عن اعتراض شحنات البنزين الإيرانية إلى فنزويلا، واختارت أساليب "مقنعة" بدلا من ذلك. غير أن هناك حدود لهذا النهج، كما أظهر شريان الحياة المستمر للبنزين الإيراني إلى فنزويلا.

ومن غير المرجّح أن تؤثّر سياسة "الضغط الأقصى" الأميركية على القدرة العسكرية الشاملة لإيران، بالنظر إلى أن رفع العقوبات المفروضة على الأسلحة بالكاد سيؤثّر على أسواق الأسلحة. وسينظر إليها المتشدّدون في النظام، وخاصة داخل "الحرس الثوري"، كدليل على أنّ الولايات المتحدة عالقة في حالة لا مجال فيها للفوز، وعليها إما مغادرة المنطقة والتخلي عن القدرة على محاربة إيران، أو البقاء تحت رحمة القوّة الإيرانية المتراكمة.

وعلى الرغم من أن تصوير جبهة لا تُقهَر ضد العدو هو جزئيا لرفع الروح المعنوية في بلدٍ يعاني من مصاعب اقتصادية ووباء "كوفيد-19"، إلا أنّ ذلك لا ينبغي أن يحجب الواقع بأنه، بالنسبة لعدو أيديولوجي شديد العدائية الذي أصبح الآن مطمئنا من قوّته العسكرية، فإن الرضوخ تحت الضغط لن يكون خيارا.