لا تزال الدولة في تركيا تفرض الهوية التركية المسلمة على جميع الطوائف والأقليات، فيما يعيش الأرمن في تركيا حالة من الذعر والخوف نتيجة التحريض ضدّهم من وسائل الإعلام التابعة في غالبيتها العظمى لحكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، خاصة مع استمرار النزاع بين أرمينيا وأذربيجان التي تدعمها أنقرة سياسياً وعسكرياً بقوة.
وكما قال الأكاديمي التركي باريش أونلو، فإنه ينبغي عليك أن تكون تركيًّا ومسلمًا من أجل الاستفادة من الامتيازات والعيش في أمن وأمان، والوصول إلى الطبقات العليا في الهرم الاجتماعي، ولا يجوز لك أبدًا أن تتحدث عن الحقائق الخاصة بأعمال التهجير القسري والقتل والإبادة الجماعية والنهب والتعصب والتمييز التي مورست على غير المسلمين في العهدين العثماني والجمهوري، كما لا يجوز التعاطف مع تلك المجموعات وتبنّي سياسة تخدم مصالحها.
الصحافة الفرنسية الصادرة اليوم، واصلت من جهتها الاهتمام بنزاع ناغورني قرەباغ، خاصة مع وجود جالية أرمنية مؤثرة في البلاد.
صحيفة لاكروا الفرنسية الكاثوليكية، وتحت عنوان "في تركيا: القوميون يستهدفون الأرمن"، نقلت شهادات الجالية الأرمنية في تركيا التي تشعر بنوع من الاستياء والخوف بعد بدء المواجهات في ناغورني كاراباخ نهاية الشهر الماضي، حيث مرت قوافل من المركبات التي ترفع العلم الأذربيجاني في الأيام الأخيرة أكثر من مرة أمام المباني الأرمينية واليونانية في إسطنبول في تحدّ واضح لبعض الأصوات التي تجرؤ على معارضة موقف تركيا من الأزمة في ناغورني كاراباخ.
وحول ذلك، صرّح جارو بيلان النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي وهو من أصل أرمني، أنه تحت مراقبة السلطات التركية رغم دعوته للسلام بين الطرفين منذ بدء المواجهات، كما اتهمته الصحف القريبة من السلطة بالخيانة للوطن، مُعتبراً أن السلطة تنشر خطاب الكراهية بدل السلام.
من جهته، قال رئيس تحرير الأسبوعية الأرمنية أجوس "هذا الوضع يعقد من وضع الأرمن الذين يعيشون في تركيا. فهم يشعرون بالقمع ويتعرضون للتضييق وكأن شيئًا ما سيحدث لنا في أي وقت. نحن على أهبة الاستعداد في جميع الأوقات".
ورأت الصحافة الفرنسية أنّ أردوغان بات يدعم حروبه الخارجية بجيش من الجهاديين، مُكوّن من الآلاف من جنود تنظيم الدولة الإسلامية المفقودين، كما فعل في ليبيا عندما جاء لمُساعدة حكومة الإخوان المسلمين في طرابلس ودعمها.
وفي حين اعتبرت مجلة "لوبس" أنّ "وقف حرب "ناغورني قرەباغ" يلزمه أكثر من الديبلوماسية بعد مُضي ما يزيد عن مئة عام على إبادة الأرمن، مُحمّلة أردوغان مسؤولية اندلاع المعارك، رأت صحيفة "لو موند" أنّ الحرب الجديدة انعكاس للفوضى العالمية الجديدة، وأنّ "دخول تركيا على خط النزاع دليل جديد على انخراط أردوغان في قومية إسلاموية معسكرة".
من جهتها، نشرت صحيفة لوفيغارو تحقيقاً كاملا حول التواجد التركي في معظم صراعات المنطقة والعالم حالياً، ففي ظل وجود أردوغان كرئيس لبلاده هناك على الدوام أزمة تختبئ مُنتظرة خلف أخرى، ففي سوريا وليبيا وشرق المتوسط واليونان وقبرص والقوقاز ما زال الرئيس التركي يُحاول أن يلعب دور رجل إطفاء النار التي يتعمّد إشعالها، على حدّ وصف اليومية الفرنسية.