أوردت "فايننشال تايمز" أن وزير الاستخبارات ورئيس استخبارات الحرس الثوري في إيران وقفا جنباً إلى جنب لتؤخذ صورتهما معاً، في مظهر تضامني علني نادر بين رأسي الجهازين، وتعهدا بالعمل معاً لتعزيز الأمن "ما فُهِم على نطاق واسع أنه مكافحة للعمليات الإسرائيلية في الجمهورية الإسلامية". وأضافت: "يشير القرار بلجم تنافسهما إلى القلق الذي يسود أعلى المستويات في المؤسسة الإيرانية وكذلك الشارع الإيراني إزاء زيادة الهجمات المعزوة إلى إسرائيل، بما في ذلك الاغتيال في مايو (أيار) الذي استهدف قائداً عن باب داره في وضح النهار وفي قلب طهران".
ووعد الرجلان، إسماعيل خطيب والعميد محمد كاظمي على التوالي (أطيح بسلف الأخير بعيد الاغتيال)، "بالتعاون بين أجهزة الاستخبارات والأمن" وسط مخاوف من أن تنقلب الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل، الدائرة منذ عقود وراء الأبواب المغلقة، إلى حرب علنية. ونقلت الصحيفة عن سياسي إصلاحي لم تسمه قوله: "يبدو أن إسرائيل أسست منظمة واسعة النطاق في طهران وتدير عملياتها بحرية. وتستهدف إسرائيل بوضوح صورة إيران "المستقرة والآمنة" لتلطيخ سمعتها في أعين شعبها". ويُعزَى اغتيال خمسة علماء نوويين على الأقل خلال السنوات الـ12 الماضية، وكان آخر اغتيال، عام 2020، شديد التعقيد واشتمل على بندقية آلية جرى التحكم بها عن بعد.
وتشتبه الاستخبارات الإيرانية بأن إسرائيل سرقت مستندات نووية سرية من أرشيفها واستهدفت منشآت نووية بهجمات. وعام 2018، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك بنيامين نتنياهو إن بلاده جمعت "نصف طن" من المستندات ذات الصلة بالمشروع النووي الإيراني وإن المستندات بينت أن إيران تكذب في شأن سلمية البرنامج. ورفض ناطق باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي طلباً من "فايننشال تايمز" للتعليق. لكن في مقابلة نادرة، قال مستشار الأمن القومي إيال حولاتا لـ"أخبار القناة الـ13" المحلية: "ستتصرف إسرائيل وفق ما تراه مناسباً. لقد جمعنا أشياء كثيرة داخل إيران خلال السنة الماضية". ولم يدخل في مزيد من التفاصيل.
ووفق الصحيفة، لا تخفي إسرائيل عزمها التعامل مع إيران، التي باتت تخصب اليورانيوم عند مستويات قريبة من تلك اللازمة لإنتاج أسلحة نووية. وتتعثر المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وتعارضه إسرائيل. والشهر الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قبل أن يغادر منصبه: "نطبق مبدأ الأخطبوط، فنحن لم نعد نلعب مع الأذرع، أي وكلاء إيران: لقد وضعنا معادلة جديدة تتعلق باستهداف الرأس".
وهزت الهجمات النظام الإيراني المعتد باستقراره والمتباهي بأمنه المستتب. فلم يمض وقت طويل على قول رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الإيراني، اللواء محمد باقري، في وقت سابق هذا الشهر، "ليس إنجازاً بسيطاً أننا في آسيا الغربية [المضطربة] نقبع في قارب هادئ وآمن بعيداً عن الاختلالات الأمنية". وقال محلل لم تسمه الصحيفة: "الاختراق مسألة جدية جداً، يجب أن يفكر النظام بحل لها". وشدد مطلع داخل النظام الإيراني لم تسمه الصحيفة على "أن سياسة إيران تبقى العمل مع القوى الوكيلة لها وعدم شن هجمات على إسرائيل ما لم تهاجم إسرائيل لبنان" حيث ينشط الوكيل الإيراني حزب الله. واستبعد أن تشن إسرائيل ضربة مباشرة على إيران. لكن تاجراً في بازار طهران عرف نفسه باسم علي فقط قال: "من يعطي المعلومات إلى الإسرائيليين؟ أشخاص داخل النظام بالتأكيد. نشعر بأمان لكن من يعلم؛ ربما ينهار النظام من داخله كما حصل مع الاتحاد السوفياتي".