تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأطفال يرسمون نزاعات العالم في 'انفجارات'

المعرض يزيل حواجز التاريخ الفاصلة
AvaToday caption
يوثق هذا العمل الذي رسمه طفل يبلغ من العمر تسع سنوات الهجوم الذي شنه الجيش السوداني وميليشيات الجنجويد العربية على قريته في دارفور عام 2003 ويصف أساليب الإعدام التي اتبعت خلالها
posted onAugust 22, 2021
noتعليق

يستكشف معرض "ديفلاغراسيون" "انفجارات" في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا قرناً من النزاعات في مختلف أنحاء العالم، من الحرب العالمية الثانية إلى نزوح الروهينغا في بورما، من خلال مجموعة رسوم معبّرة لأطفال عايشوا أحداثها.

ولم يكن غيّوم وفانيسا الآتيان من بوردو (جنوب غرب فرنسا) يتوقعا أن يكون المعرض مؤثراً إلى هذا الحد عندما كانا يعبران جسر المشاة المؤدي إلى متحف حضارات أوروبا والمتوسط "موسيم"، المطلّ على الميناء القديم.

فأكثر من 150 عملأً لأطفال في مناطق تشهد حروباً، تروي بواسطة الرسم أحداث العنف والجرائم الجماعية التي وقعت في العقود المنصرمة، من معسكرات الاعتقال في أوشفيتز في بولندا، إلى المجازر في قرى دارفور بغرب السودان.

جُمِعَت هذه الرسوم وجرى اختيارها منذ العام 2013 من المتاحف والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية والمكتبات بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتشهد أعمال الصغار هذه على مختلف مراحل الصراعات، بما فيها من قصف ونهب واغتيالات وتهجير عائلات وسوى ذلك. مشاهد رعب لا يستطيع الأطفال التعبير عنها بالكلمات، فيرسمونها.

ويتناول بعض الرسوم أعمال العنف في نيجيريا التي تعاني منذ نحو عشر سنوات هجمات جماعة بوكو حرام الجهادية أو في رواندا ، حيث تسببت الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد أقلية التوتسي بمقتل أكثر من 800 ألف شخص.

وتشرح أمينة المعرض زيران س. جيراردو أن هؤلاء الأطفال "ضحايا ، لكنهم شهود أيضاً". بقلم رصاص في أيديهم، يبتدعون "أعمالاً تشكّل ذاكرة".

وإذ تلاحظ أن "لحظات الإعدام أو النهب والاغتيالات لا تُصَوَّر فوتوغرافيا أو بالفيديو في كثير من الأحيان"، تشير إلى أن هذه الرسوم تعوّض تالياً مفهوم "الصورة الناقصة" التي يتحدث عنها أوليفييه بيركو، المتخصص في النزاعات المسلحة مع منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية، الشريكة في المشروع.

وينطبق ذلك على رسم حصلت عليه منظمة اليونيسف نفذه صبي من أقلية الروهينغا المسلمة المضطهدة في بورما.

فهذا الصبي اللاجئ في مخيم في بنغلاديش، يمثّل بقلمه عمليات الإعدام التي شهدها، من خلال رسوم ظلية لجنود، مخربشة باللون الأخضر، يطلقون النار ويقطعون رؤوس رجال ونساء وأطفال ملطخين بالدماء ذات اللون الأرجواني.

ويعلّق غيّوم (32 عاماً) قائلاً "إنها المرة الأولى أرى هذا. إنه لأمر مؤثر حقاً رؤية مثل هذه الأحداث المدمرة في عيون الأطفال (…) لا بل هي، في الواقع، تصبح جميلة".

وتوضح أمينة المعرض قائلة "عندما نشرع في وضع هذه الرسوم جنباً إلى جنب، نرى أن ثمة تقارباً بيانياً أو سردياً بينها". وتعتبر أن لها قدرة على "إزالة حواجز التاريخ الفاصلة" وبناء "الجسور بين الذكريات" والتذكير بحقوق الطفل.

في الجزء الخلفي من قاعة المعرض، يرتفع صوت يجذب الزوار. إنه صوت فرانسواز إيريتييه، عالمة الأعراق والأنثروبولوجيا التي توفيت عام 2017، وهي تفكك في مقطع فيديو رموز رسم ملون ودقيق بشكل مدهش، حصلت عليه المنظمة غير الحكومية "ويدجينغ بيس". وفي هذا الرسم دبابات ومركبات مزوّدة مدافع رشاشة وأكواخ تقصفها الطائرات ورجل مقطوع الرأس على الأرض

يوثق هذا العمل الذي رسمه طفل يبلغ من العمر تسع سنوات الهجوم الذي شنه الجيش السوداني وميليشيات الجنجويد العربية على قريته في دارفور عام 2003 ويصف أساليب الإعدام التي اتبعت خلالها.

ويلاحظ غيّوم أن "هذه الرسوم تتلاقى ولو أن متأتية من قارات مختلفة وحقب مختلفة". وترى فانيسا أن الأعمال تجعل الناظر إليها "يشعر بغضب هؤلاء الأطفال وألمهم".

فالرسم هو قبل كل شيء ملجأ، كما بالنسبة إلى فتاة عراقية في الثامنة يشكّل عملها الذي أمّنته منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية مسك ختام المعرض.

هذه الطفلة التي كانت خائفة من أحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر لمدّة على أجزاء كبيرة من العراق، بادرت عند وصولها إلى مخيم للنازحين في كردستان العراق إلى رسم أزهار وردية صغيرة على ورقة بيضاء، وكأنها بذلك تطمئن نفسها من خلال جمال الطبيعة.

وستبقى هذه الأعمال معروضة في مرسيليا إلى نهاية آب/أغسطس. كذلك تأمل زيران س. جيراردي في أن تكون هذه الرسوم يوماً "عناصر توفر معلومات" عن ظروف قضايا ينبغي أن تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية.