تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الفن "علاج مساعد" في الإقلاع عن المخدرات

الفن التشكيلي
AvaToday caption
يتنوع العلاج بالفن عامة، فهناك الخزف والطباعة وأشغال الخشب والكولاج والتصوير، بحسب المتخصصين، وجميع مشاريع الفن يستخدم فيها الفن التشكيلي، لكن الرسم في الكثير من الأحيان ظل ثابتاً، خصوصاً في جانب الاختبارات الإسقاطية
posted onJanuary 20, 2021
noتعليق

"علينا احتواؤهم" ليس شعاراً أخرس يزيّن الشوارع فحسب، إنما هو واجب وطني أساسه الفرد، في تقدير عدد من الفنانين الذي تسابقوا أخيراً لإنجاز أعمال، دافعها التطوع وإضفاء مزيد من السعادة على واقع المهمشين في محيطهم.

ترى شرائح من هؤلاء أن رسالة الفن لا تحتاج إلى ترجمة، فالفنان السعودي محمد آل شايع مثلاً يعتبر أن من الجدير بالمجتمع احتواء من يشعرون بالمعاناة وتقديم المساعدة لهم، من أجل تصحيح المسار. وهذا ما فعله في لوحة داكنة المشاعر، تعبّر عن ظلمة تخترق المجتمع بوجود مدمن على المخدرات، ويقول "موقف شديد الصعوبة، حالة من الدمار في المجتمع، هلع ورعب في الأسرة، مستقبل محطم للشخص نفسه، لكن حين يقرر المريض المدمن أن يحارب ما اقترفه من خطأ، يصبح الدور المجتمعي ملحّاً لاحتوائه".

التشخيص والعلاج في لوحة

ولخّص الفنان رسالته من خلال لوحة تشكيلية، سلّط فيها الضوء على نظرة المجتمع للمدمن الذي يحدوه  أمل جديد يعيد إليه الحياة بصورة طبيعية، أو المتعافي، "جاءت صورة المدمن في سياق العمل الفني الدرامي على هيئة شيطان والسكين في يده، تعبيراً عن مدى خطره لذلك أظهرته على هيئة وحش في قعر الدار، فبعض الأسر تغلق عليه الأبواب، لشدة خطره على محيطه، وجاءت صورة المجتمع على هيئة أمّ تحمل طفلها الرضيع، لكونها رمز العطاء، وهي نصف المجتمع، ولدورها الأثر البالغ في غرس القيم في أطفالها، فهي العامل الأهم في صناعة مستقبلهم".

وأراد الفنان من ذلك بحسب قوله "أن يلفت السيناريو المرسوم النظر ألى أهمية تغيير تعامل المجتمع من خلال احتواء مرضاه، ليصبحوا أسوياء، ولربما أفضل من غيرهم بدافع الرغبة الملحّة بداخلهم في إصلاح ذواتهم".

وبرزت تجربة أولى للدكتور عوض اليامي في إدخال الفن التشكيلي في العلاج بالمنطقة الشرقية في السعودية، كـ"جانب مساعد"، يعتبره مساهماً في فتح الأبواب المغلقة أمام المدمن كمتنفس آخر ومجالاً مختلفاً لعلاج الإدمان والأمراض النفسية.

إعطاء المساحة

وتنادي رسالة الاحتواء إلى مجتمع أكثر استيعاباً، مبيّناً أن رسالته جاءت "لأهمية التوعية في المدارس، والمجمعات والمناسبات والجهات الصحية، لاحتواء هذه الفئة من الأشخاص وإعادة الأمل إليهم وثنيهم عن العودة إلى الطريق المرّ. يجب أن تتغير النظرة إلى المتعافين منهم أو المقبلين على العلاج بشكل مهم نظراً إلى حساسية وضعهم. لقد صوّرت خطورتهم على المجتمع، من خلال لوحة احتوت اللون الأبيض في مساحة قد تتّسع ليراجع نفسه ويعرف الطريق الصحيح، وفتح صفحة جديدة، وأتمنى أن تتبنّى الجهات المسؤولة المجال الفني كعلاج مساعد بشكل أقوى لمدى تأثيره".

ويروي اليامي أنه بحكم عمله كمعلّم، عرض مشروعاً سابقاً له عن المخدرات في منطقة عسير، "وهكذا غالباً ما أشارك في هذه القضايا، وأحرص على بصمتي نحو هذه الفئة، وإرشادها والوقوف بجانبها لتعرف معالم الطريق الصحيح".

من جانبه، أكد عبد العزيز الدقيل، اختصاصي العلاج بالفن التشكيلي نسبة نجاح التجربة، واعتبر "من الضروري جداً تقبّل المريض للعلاج، ويعود ذلك إلى مستوى حالة المدمن الخاضع للعلاج. فبعضهم يحتاج إلى وقت للتهيئة وتقبّل المساعدة، وتزيد نسبة النجاح  بوجود فريق مهيّأ ومريض متقبّل، وفق ما تثبت الدراسات على مستوى العالم والدول المتقدمة، التي شهدت إيجابية النتائج".

العلاج بالرسم

ويتنوع العلاج بالفن عامة، فهناك الخزف والطباعة وأشغال الخشب والكولاج والتصوير، بحسب المتخصصين، وجميع مشاريع الفن يستخدم فيها الفن التشكيلي، لكن الرسم في الكثير من الأحيان ظل ثابتاً، خصوصاً في جانب الاختبارات الإسقاطية، مثل رسم المنزل والشجرة والشخص واختبار رسم العائلة.

ويشير الدقيل إلى أن المهارة ليست شرطاً في هذا المسار، "إنما فقط يُطلب منه التعبير بطريقته حتى يتم التعرف إلى ما بداخله، ثم يحين دور الجلسة الخاصة لمناقشة رسوماته، ونشاهد مدى استجابته. الأكيد أن وراء تعاطي المخدرات أسباب عدة، ضمنها أسباب نفسية واجتماعية وقد يكون المتعاطي ضحية، والفن مساعد نفسي للمريض في التعبير عما بداخله من أحاسيس ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها بالكلام، بل يحتاج إلى التعامل مع الشعور، وما قبل الشعور، واللاشعور. كل التصورات التي في داخله، وقناعاته، حتى نتعرف إلى المخاوف والأسباب التي أدت إلى ذلك".

ويضيف "لنبدأ في التطرق الى الأسباب التي أسفرت عن تعاطيه المخدرات، وما واجهه من ضغوط، كـسقوطه ضحية لمجموعة من الناس، ثم يحين دور علاج نظرته لنفسه كمنبوذ من قبل المجتمع، غير قادر على العودة بالطريقة الصحيحة. حينها نضع استيراتيجيات علاجية لإدخاله في حالة من الإيجابية، من خلال تقديم بعض الأفكار التي تجعله ينظر إلى نفسه بإيجابية وتدعيم الذات، ثم نتطرّق إلى خطورة المخدرات وما آلت إليه،  وتأتي المرحلة المهمة، وهي العلاج بالأمل، من خلال إحاطته بالإيجابية والتفاؤل، وتقبّل نفسه والمجتمع. كل تلك المراحل تأتي خطوة بخطوة، إلى جانب علاجات أساسية أخرى كـالسلوكية والنفسية منها، إضافة إلى الدواء لمساعدته في الإقلاع وتنمية المهاره لديه".