تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

على الرغم من ضعفه لكن إيران دولة مؤذية

مصافى النفط
AvaToday caption
المبدأ الرئيسي في استراتيجية إيران الدفاعية، حاليا هو مواصلة توجيه رسائل للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين
posted onSeptember 20, 2019
noتعليق

نجحت استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي حملت عنوان “أقصى الضغوط” على إيران، في إضعاف اقتصادها، لكنها في الوقت نفسه، جعلت إيران أخطر ودفعتها إلى الرد بضربات غير تقليدية، وبطرق يصعب التصدي لها، عبر ميليشياتها في المنطقة.

ومنذ أن أعلن ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني المُبرم عام 2015، الذي كان يستهدف الحدّ من طموحات إيران العسكرية ومنعها من امتلاك سلاح نووي، تلوح إيران وعملاؤها بقدرتهم على أن يعيثوا فسادا في المنطقة.

فقد صادرت إيران ناقلات نفط وتعرّضت لطرق شحن النفط وشنّت هجمات متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ، لكن الهجوم الأخير الذي تعرّضت له أكبر مصفاة نفط في العالم في شرق السعودية في 14 سبتمبر الحالي، والذي اعتبر الكثيرون أن المسؤول عنه هو إيران أثار موجة من الفزع في أسواق النفط العالمية، وهو ما دفع الأسعار إلى تسجيل ارتفاع قياسي الاثنين الماضي.

وقد أظهر هجوم الطائرات المسيرة الأخير، أن هذه الطائرات رخيصة الثمن، منخفضة التكنولوجيا أصبحت تمثّل سلاح ردع لا يقلّ عن المقاتلات النفاثة باهظة الثمن.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أنه رغم تراجع أسعار النفط في ما بعد، فإنّ الهجوم مازال يؤثر على أسواق النفط العالمية من طوكيو إلى نيويورك، بسبب الخوف من اضطراب الإمدادات العالمية، نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج.

وأضافت الوكالة أن الوضع الراهن يدلّ على أن إيران الضعيفة أصبحت في موقف تفاوضي أفضل من ذي قبل، حيث أصبحت قادرة على اتخاذ الاقتصاد العالمي كله رهينة إذا ما تعرّضت لهجوم واسع بقيادة الرئيس ترامب.

ولذلك تحاول الدول الرافضة للصراع في أوروبا وآسيا إبعاد إيران عن حافة الهاوية، من خلال منحها تسهيلات مالية واقتصادية، لتخفيف حدة آثار العقوبات الاقتصادية التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.

ويقول توماس جانو الأستاذ في كلية الدراسات العليا في الشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا الكندية “هذا يظهر طريقة إيران في ممارسة الردع.. المبدأ الرئيسي في استراتيجية إيران الدفاعية، حاليا هو مواصلة توجيه رسائل للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين وشركائها الدوليين مفادها أنها تمتلك الوسائل اللازمة لإيذائهم. الاقتصاد العالمي في وضع هش. وبتوجيه هذه الإشارة القوية تقول إيران للجميع إن أي حرب ستكون مكلفة للغاية” بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل.

والهجوم على أكبر مصفاة نفط في العالم أدّى إلى خفض إنتاج السعودية من الخام بمقدار النصف تقريبا، وأوقف تدفّق نحو 5 بالمئة من إجمالي الإمدادات العالمية.

وأكد هذا الهجوم العائد الكبير للاستثمار الإيراني في تطوير الحرب غير المتماثلة، حيث استثمرت إيران في تشكيلات مسلّحة موالية لها في اليمن وسوريا والعراق وغيرها.

وبدأ الاستثمار الإيراني في هذا السياق يؤتي ثماره، حيث صارت دولة تمتلك نفوذا خارجيا مهيمنا، فإيران لديها عملاء مسلحون في سوريا ولبنان، ومن خلالهم تلعب دورا مؤثرا في سياسات هاتين الدولتين، وهو ما يمثّل تهديدا لدول الجوار.

ويثير اليمن حاليا القلق من اشتعال حرب شاملة في شبه الجزيرة العربية والخليج، على خلفية الصراع الدائر فيه.

وقد دخلت الأزمة اليمنية مرحلة خطيرة في 2015 عندما استولى الحوثيون الموالون لإيران على قصر الرئاسة في العاصمة صنعاء، وأعلنوا تشكيل حكومة جديدة. وأعلن الحوثيون مسئوليتهم عن هجوم 14 سبتمبر على المنشآت النفطية في السعودية. وهناك سيناريوهات أخرى بشأن الهجوم منها القول إن الطائرات المسيرة والصواريخ انطلقت من جنوب العراق، حيث توجد ميليشيات موالية لإيران أو من داخل الأراضي الإيرانية نفسها.

ورفض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ادّعاء الحوثيين المسؤولية عن الهجوم واتهم إيران بالمسؤولية المباشرة عنه.

وقال إيملي هوثورن خبير شؤون الشرق الأوسط، في شركة الاستشارات وتقييم المخاطر سترافور إنتربرايز بمدينة أوستن الأميركية إن “استراتيجية إيران لاستخدام الحروب بالوكالة منحها القدرة على إنكار المسؤولية عن أيّ أعمال، وتجنّب أيّ ردود انتقامية عليها”.

وأضاف “قد تكون إيران المُثقلة بالعقوبات الأميركية، مضطرة إلى الدفع في اتجاه الحرب بوصف ذلك السبيل الوحيد لنزع فتيل التصعيد”.

 

وذكرت بلومبرغ أنه من الصعب الحديث عن مدى التداعيات الاقتصادية للهجمات على المنشآت السعودية قبل معرفة الفترة الزمنية اللازمة لإصلاح الأضرار الناجمة عنها.

وكانت شركة النفط السعودية أرامكو قد تعهدت لعملائها باستمرار توريد الخام من خلال الاعتماد على المخزون لديها، وقالت إنها ستستأنف الإنتاج وفق المعدلات الطبيعية، بنهاية سبتمبر الحالي.

ولكن حتى إذا عاد الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية، فإن تأثير الهجمات على الأسواق قد يستمر بعد أن كشف الهجوم عن انكشاف قطاع النفط السعودي أمام أيّ هجمات من الخارج.

وتقول الوكالة إن ارتفاع أسعار النفط نتيجة اضطراب الإمدادات هو أسوأ سيناريوهات السوق، لأن ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب يمكن السيطرة عليه من خلال رفع أسعار الفائدة وبالتالي الحدّ من الطلب.

 أما الارتفاع الناتج عن اضطراب الإمدادات كما حدث بعد هجوم 14 سبتمبر، فيصعب التعامل معه، فارتفاع الأسعار سيؤدي إلى سحب المزيد من الأموال من جيوب المستهلكين الذين يعانون بالفعل، وبالتالي فإن زيادة أسعار الفائدة لن يؤدي إلا إلى زيادة الأمور سوءا.

ومثل هذا السيناريو سيتيح لإيران نقل جزء من الآلام التي تعانيها نتيجة العقوبات الأميركية، إلى الدول الأخرى.