تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

وثائقي يكشف "وحشية" ميليشيات الإيرانية في العراق

الميليشيات
AvaToday caption
تمت نصيحة فريق إعداد الفيلم الوثائقي بعدم المخاطرة ولقاء مسؤولين في كتائب حزب الله أثناء وجودهم في العراق، لكنهم مع ذلك أرسلوا طلبا للتعليق للمتحدث باسم الميليشيا بعد مغادرتهم، من دون أن يلتقوا أية إجابة
posted onFebruary 10, 2021
noتعليق

كشف فيلم وثائقي بثته شبكة أميركية أدلة جديدة عن تنامي نفوذ الميليشيات الموالية لطهران في العراق، وكيف أنها باتت تسيطر على السلطة في البلاد، وتهدد وتقتل منتقديها من دون أن يتجرأ أحد على محاسبتها أو حتى ردعها.

الوثائقي حمل عنوان "سفّاحو العراق" Iraq's Assassins، وأعدته الصحفية البريطانية من أصول إيرانية راميتا نافاي مع زميلتها ميس البياع وهي صحفية بريطانية من أصول عراقية، وتم عرضه على شبكة "بي بي أس" الأميركية الثلاثاء ضمن برنامج "فرونت لاين".

خلال زيارتها للعراق في سبتمبر الماضي التقت نافاي بالعديد من الناشطين والسياسيين الذين تم تهديهم من قبل ميليشيات طهران، بالإضافة إلى مقابلتها مسؤولين عراقيين تحدثوا بشكل صريح عن الجهات التي تقف خلف سلسلة عمليات الاغتيال التي جرت مؤخرا في العراق.

إحدى هذه العمليات طالت الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي في يونيو الماضي، الذي كان يتحدث علنا عن دور الميليشيات الشيعية في زعزعة أمن العراق وصلاتها بإيران، وبالأخص كتائب حزب الله.

ينقل الوثائقي عن ضابط في الاستخبارات العراقية مطلع على سير التحقيق القول إن الأجهزة الأمنية توصلت إلى أن هذه الميليشا (كتائب حزب الله) هي المسؤولة عن اغتيال الهاشمي بواسطة مرتزقة استأجرتهم لتنفيذ العملية.

ويضيف الضابط، الذي طلب عدم إظهار شكله أمام الكاميرا وتغيير صوته، إن كتائب حزب الله كانت غاضبة من التصريحات التي يدلي بها الهاشمي لوسائل الإعلام المختلفة بشأن قادتها وكشف هوياتهم وأدوارهم.

وعندما سألته الصحافية عن إمكانية ملاحقة القتلة في حال كانت هناك أدلة قاطعة، أجاب الضابط: "لا أعتقد ذلك، بالنظر إلى نفوذ كتائب حزب الله في العراق وخطف أو ملاحقة أي شخص يعارضها".

وقُتل الهاشمي، وهو محلل معروف قدم المشورة للحكومة بشأن هزيمة مقاتلي تنظيم داعش وكبح نفوذ الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران، برصاص مسلحين اثنين على دراجة نارية أمام منزل أُسرته في بغداد.

وينفي مسؤولو الفصائل المتحالفة مع إيران أي دور لهم في الجريمة، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن قتله، كما لم تشر الحكومة بأصابع الاتهام إلى جماعة بعينها، على الرغم من تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتعقب قاتليه وكبح تصرفات الفصائل المسلحة.

وبالإضافة للهاشمي، استهدفت عمليات الاغتيال ناشطين عراقيين بالتزامن مع موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ أكتوبر 2019، ومن أبرز مطالبها إنهاء نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لطهران.

خلال جولتها في العراق، التقت الصحافية بناشطين من البصرة فروا لإقليم كردستان بعد تلقيهم تهديدات بالتصفية، وصدور قوائم اغتيال تضمنت أسماء لعشرات الأشخاص.

وفقا لما جاء في الفيلم الوثائقي فإن مصدرا مقربا من الفصائل الموالية لطهران أرسل لهم وثيقة تؤكد أن هذه القوائم صدرت من قبل ميليشيا كتائب حزب الله.

من ضمن من وردت أسماؤهم في القائمة، الناشط تحسين أسامة، الذي اغتيل في أغسطس الماضي، وزميله عباس صبحي، الذي نجا من محاولة اغتيال بعدها بعدة أيام.

تمت نصيحة فريق إعداد الفيلم الوثائقي بعدم المخاطرة ولقاء مسؤولين في كتائب حزب الله أثناء وجودهم في العراق، لكنهم مع ذلك أرسلوا طلبا للتعليق للمتحدث باسم الميليشيا بعد مغادرتهم، من دون أن يلتقوا أية إجابة.

لم يقتصر تحقيق الفيلم الوثائقي على جرائم استهداف الناشطين وحسب، بل تضمن أيضا الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات في المناطق السنية بعد تحريرها من تنظيم داعش وسيطرة الجماعات الموالية لطهران عليها.

تمكنت الصحافية راميتا نافاي وفريقها من دخول إحدى تلك المناطق بعد أن وافق أحد عناصر الميليشيات على مرافقتها بشكل سري للتجول في المنطقة.

تم عرض لقطات لمسجد سوي بالأرض بالكامل، فيما قالت الصحافية إنها شاهدت أيضا، خلال تجوالها في المنطقة، خمسة مساجد أخرى تم التعامل معها بذات الطريقة.

أخبرها هذا العنصر أن مقاتلي الميليشيات الموالية لطهران قاموا بالانتقام من السكان المحليين، وأنه لم يعد يحتمل هذه الأعمال "الوحشية" التي يقومون بها.

وخلال فترة تواجد الصحافية في العراق، تصادف أن وقع هجوم بالصواريخ استهدف قاعدة عسكرية للجيش الأميركي في أربيل، حيث تمكنت من زيارة الموقع الذي انطلقت منه الصواريخ في محافظة نينوى.

التقت خلال زيارتها بشخص يدعى سامي بكداش وهو قيادي في اللواء 30 في الحشد الشعبي أو ما يعرف باسم "لواء الشبك"، الذي نفى أي علاقة بالهجوم.

وانطلقت عدة صواريخ من قرية شيخ عامر في ناحية برطلة بمحافظة نينوى شمال العراق باتجاه مطار أربيل الذي يضم قاعدة عسكرية للتحالف لدولي بقيادة الولايات المتحدة من دون أن يتم الإعلان عن أية خسائر.

وتسيطر قوات من اللواء 30 التابعة للحشد الشعبي على المنطقة المحاذية لأربيل، ويضم عناصر من أقلية الشبك، ويعتقد أنهم مرتبطون بميليشيات موالية لطهران.

وخلال الأشهر الماضية شنت الميليشيات الموالية لطهران العديد من الهجمات ضد مصالح أميركية في العراق، حيث يرى المسؤولون العسكريون الأميركيون أن المجموعات المسلحة الموالية لإيران باتت تشكل خطرا أكبر من تنظيم داعش.

وازدادت هذه الهجمات بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس في ضربة أميركية قرب مطار بغداد العام الماضي.

وعلى إثر مقتل الرجلين صوت مجلس النواب العراقي على قرار نيابي في يناير من العام الماضي يلزم الحكومة بالعمل على "إنهاء تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية، ومنعها من استخدام الأراضي والمياه والأجواء العراقية لأي سبب كان".

واقتصر التصويت على الأعضاء الشيعة في البرلمان العراقي، فيما غاب معظم الأعضاء السنة والأكراد عن الجلسة التي تقرر فيها إنهاء الوجود الأجنبي في البلاد.

تقول الصحافية إنه كان صعبا جدا أن تجد مسؤولا عراقيا يتحدث بأريحية عن الدور الذي تلعبه الميليشيات الموالية لطهران في العراق، والتهديدات التي تطلقها حتى ضد المسؤولين والسياسيين.

لكنها ومع ذلك، تمكنت من لقاء النائب السني فيصل العيساوي الذي أخبرها أن المكتب السياسي لميليشيا كتائب حزب الله هدد النواب بشكل علني عبر رسائل نصية بقتلهم وعائلاته في حال صوتوا بالضد من قرار إخراج القوات الأميركية من العراق.

ودأبت كتائب حزب الله على تهديد جميع منتقديها أو مخالفيها في الرأي، بما في ذلك رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.

وفي ديسمبر الماضي هدد المسؤول الأمني في كتائب حزب الله أبو علي العسكري الكاظمي بـ"قطع أذنيه مثل العنز"، وقال إن "الاطلاعات الإيرانية والمخابرات الأميركية لن تحمي الكاظمي".

وتتلقى ميليشيا كتائب حزب الله في العراق الدعم من إيران، وهي تدافع دائما عن مواقف إيران في المنطقة، ويتهمها العراقيون بالتورط في عمليات قتل واغتيال وخطف ونشاطات غير مشروعة في البلاد، كما شاركت في القتال إلى جانب قوات نظام الأسد وميلشيات أخرى في سوريا.