تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

للخروج من ازمتها.. إيران تهرب إلى الأمام

إسرائيل أغتالت العالم النووي الإيراني فخري زاده
AvaToday caption
أن إيران قد تهرب إلى الأمام لتظهر للشعب أنها قادرة على الرد على الفشل الأمني والاستخباري الذي تعاني منه اجهزتها الأمنية والاستخبارية والتي فشلت في كشف ورصد ومتابعة المجموعة التي قتلت محسن زاده قبل التنفيذ أو بعده
posted onNovember 30, 2020
noتعليق

دكتور سليم الدليمي*

مجلس الشورى الإيراني صوت بأغلبية كبيرة يوم 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2020 على مشروع قانون "الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات"، والذي يشمل رفع تخصيب اليورانيوم في المفاعلات النووية الإيرانية إلى نسبة (20) بالمائة.

ويشمل القانون إعادة التصميم القديم لمفاعل "أراك" للماء الثقيل والذي جرى تدميره قلبه ضمن بنود إتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة بين دول(5+1) وإيران والمعروفة اختصارًا بـ( JCPOA)أو (برجام) بالفارسية، وسمح بموجبه لإيران بالإستخدام السلمي لمصادر الطاقة النووية مع فرض رقابة شديدة على برامجها النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها.

ولانريد هنا أن نكرر ماجرى خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بعد خروجه من الإتفاق النووي وإتباعه سياسة "الضغط القصوى" أو العقوبات الأشد على إيران لإجبارها على توقيع إتفاق جديد، بل نريد أن نؤصل للقرار الإيراني الأخير والذي جاء على خلفية إغتيال العالم النووي محسن فخري زاده يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

والواضح أن قرار البرلمان الإيراني جاء تحت ضغط الوضع المؤلم الذي تعاني إيران منه بسبب الأزمات المتعددة التي تعيشها على وقع الحصار والعقوبات وانتشار جائحة كورونا والصراع السياسي الكبير والذي يعصف بالبلد بين الأصوليين والإصلاحيين.

 فالتيار المتشدد الذي رأى منذ البداية خطأ توقيع الإتفاق النووي لأنه يقيد من قدرات إيران في الوصول إلى فوائد من العمل في الميدان النووي بشقيه المدني والعسكري، ورأى هؤلاء ضعف الرئيس حسن روحاني، ووزير خارجيته  محمد جواد ظريف، أمام المفاوض الأمريكي، منددين بالإتفاق ومعتبرينه نذّر شؤوم لإيران، ثم جاء قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالخروج من الإتفاق ليزود الأصوليين بالذخيرة اللازمة التي تعطيهم الحجة في رفض الإتفاق. تلى ذلك قتل قائد فيلق القدس الإيرانية، الجنرال قاسم سليماني بداية العام 2020 في بغداد، وصولاً إلى يوم الجمعة حيث قُتل اب البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده، وممارسة ضغوط شعبية ورسمية على القوات الإيرانية للإنتقام من المنفذين حيث اشارت اصابع الإتهام هنا إلى إسرائيل والموساد بلا أي ريبة أو شك من قبل المسؤوليين الإيرانيين.

قلت في وقت سابق ومن هذه المنصّة أن إيران قد تهرب إلى الأمام لتظهر للشعب أنها قادرة على الرد على الفشل الأمني والاستخباري الذي تعاني منه اجهزتها الأمنية والاستخبارية، والتي فشلت في كشف ورصد ومتابعة المجموعة التي قتلت محسن زاده، قبل التنفيذ أو بعده .

ويأتي قرار البرلمان الإيراني بالخروج من الإتفاق النووي اليوم ليثبت لنا  أن إيران في طريقها لتجاوز عقدة عدم قدرتها على الرد بالمفهوم الواسع للردع الذي صمّت به أذاننا طيلة (40) سنة وأنها من وراء توسيع برامجها النووية والصاروخية والفضائية، إنما تسعى لتحرير القدس من براثن الصهاينة، وقد استباحت في سبيل ذلك الهدف حواضر عربية كبغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

وهددت دول عربية خليجية أخرى بنفس الذريعة، بإدعاء أنها الطريق الذي يمهد لإيران تحرير فلسطين فحسب، بل أثبت لنا قرار البرلمان أنها غير قادرة على حماية الداخل الإيراني في ظل وجود عدد من الأجهزة الإستخبارية التي تفاخرت السلطة الإيرانية بمناقبها وقابلايتها كثيرًا.

وأن إيران مُخترقة في داخل هياكل الأجهزة الأمنية نفسها، كما ورد ذلك صراحةً في رسالة الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي والموجهة للرئيس الإيراني وأشار فيها إلى أن استمرار مثل هذه الأعمال يشير إلى ضعف أجهزة المخابرات في البلاد، مطالبا بإيجاد حل لمثل هذا الضعف.

إجمالاً ستتعب إيران كثيرًا لتوضيح وجهة نظرها أمام الغربيين لتبرير هذا القرار ، وفي النهاية لن تحصد التعاطف المطلوب فإسرائيل تسبقها كثيرًا بخطواتها نحو الغرب، وأن قرارها سيحرج المدافعين عنها في المحافل الدولية وخصوصًا روسيا والصين. وربما يعطي الرئيس الأمريكي الخاسر في الإنتخابات ذريعة أخرى لمزيد من العقوبات أو الضربات العسكرية، ويعرقل مهمة الرئيس المقبل في العودة للإتفاق النووي.

القرار مُستعجل ولكنه مبرر أخر للقيادة الإيرانية للإدعاء أمام شعبها أنها مازالت تمسك بزمام المبادرة.

* باحث في الشؤون إيران و بلدان الخليج